بقلم رسلان البحيصي
عملت بريطانيا على تسليم المناطق الحساسة والمواقع الاستراتيجية الهامة إلى الاسرائيليين (في حدود التقسيم).
الساعة 9 صباح 10 ابريل 1948م وقعت مذبحة ديرياسين
شارك فيها أعضاء من منظمة الآرجون او تسفدي لئومي (المنظمة القومية العسكرية) او “اتسل” برئاسة مناحيم بيجن ومنظمة شتيرن او “ليحي” برئاسة ابراهام شتيرن المؤسس لها والهاجاناه
تم ابادة أهلها العرب ولم ينج منهم إلا أفراد قليلة حيث عملت المنظمتين علي إخراج العرب منها بقوة السلاح والإرهاب
7 ابريل 1948م (استشهاد القائد عبد القادر الحسيني) خرجت قوة من عصابات الإإرجون وشتيرن تضم 300 مقاتل لاحتلال دير ياسين بعملية عسكرية متفرعة من عملية ناخسون اسمها عملية “أحدوت” وتعني الوحدة.
الساعة الثانية من صباح 10 ابريل 1948م تم اعطاء الأمر بالهجوم على دير ياسين
تحركت وحدات الإرجون ومعها عناصر من الهاجاناه والبالماخ لاكتساح دير ياسين من الشرق إلى الجنوب وبدأ احتلال القرية بكاملها وتدميرها على من فيها
قبيل ساعات الصباح الأولى تبعتهم جماعة شتيرن بسيارتين مصفحتين وضع عليهما مكبر للصوت.حيث كان المذياع يقول للعرب:
“ إنكم مهاجمون بقوى أكبر منكم. إن المخرج الغربي لدير ياسين الذي يؤدي إلى عين كارم مفتوح أمامكم فاهربوا منه سريعاً وأنقذوا أرواحكم”.
سكان القرية الذين صدقوا النداء وخرجوا من بيوتهم هاربين تم قتلهم بالرصاص والذين بقوا في بيوتهم ومعظمهم من النساء والأطفال والشيوخ تم قتلهم حيث أخذ اليهود يلقون القنابل داخل البيوت ويتم نسفها على من فيها.
استغرق الوصول إلى قلب القرية نحو ساعتين
أرسل لابيدوت قائد مجموعة الإرجون المشتركة في الهجوم إلى رعنان الذي كان يتابع تطور المذبحة من حفصات شاؤول يطلب منه شحنة كبيرة من المتفجرات حيث كانت الأوامر تدمير كل بيت
سار وراء فرق المتفجرات محاربوا الإرجون وشتيرن يقتلون كل من يتحرك ومن كان داخل أي بيت وكل عربي ظل حي في دير ياسين.
استمر تفجير المنازل الآمنة وإطلاق الرصاص حتى قبل ظهر 10 ابريل 1948م بعد أن تم احتلال القرية بكاملها
جاءت وحدة من الهاجاناه بقيادة ينشورين شيف وحفرت قبر جماعي دفنت فيه 250 جثة عربية أكثرهم من النساء والشيوخ والأطفال.
علق قائد وحدة الهاجاناه شيف على ما حدث “كان ذلك النهار يوم ربيع جميل رائع وكانت أشجار اللوز قد اكتمل تفتح زهرها ولكن كانت تأتي من كل ناحية من القرية رائحة الموت الكريهة ورائحة الدمار التي انتشرت في الشوارع ورائحة الجثث المتفسخة التي كنا ندفنها جماعياً في القبر”.
قام جاك دي رينيه رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي في فلسطين عام 1948م بنفسه بزيارة دير ياسين وفحص القبر الجماعي وشاهد أكوام القتلى من العرب ووضع تقريراً عن ذلك بالفرنسية ونشره قائلاً:
“لم يرفضوا مساعدتي فحسب وإنما رفضوا أيضاً أن يتحملوا مسؤولية ما يمكن أن يحدث لي وكانت العصابة ترتدي ملابس الميدان وتعتمر الخودات وكان جميع أفرادها شباب ومراهقين ذكور وإناث مدججين بالسلاح بالمسدسات والرشاشات والقنابل اليدوية وكان القسم الأكبرمنهم لا يزال ملطخ بالدماء وخناجرهم الكبيرة في أيديهم وعرضت فتاة جميلة تطفح عيناها بالجريمة يديها وهما تقطران دم وكانت تحركهما وكأنهما ميدالية حرب
كان هذا فريق “التنظيف” وكان واضح أنه ينفذ مهامه بجد متناه وحاولت دخول أحد المنازل فأحاط بي أكثر من 12 جندي مصوبين بنادقهم الرشاشة نحوي ومنعني ضابط من التحرك قائلاً: إذا كان ثمة موتى فسيحضرونهم لي فأثار كلامه غضبي الشديد فقلت لهؤلاء المجرمين رأيي فيهم وهددتهم ودفعتهم ودخلت المنزل وكانت الغرفة الأولى مظلمة وكل شيء مبعثر ولم يكن هناك جثث وفي الغرفة الثانية المليئة بالأثاث الممزق وكافة أنواع الشظايا رأيت بعض الجثث الباردة
هنا تمت التصفية بواسطة الرشاشات والقنابل اليدوية والسكاكين وتكرر الأمر نفسه في الغرفة المجاورة وعندما هممت بمغادرة المكان سمعت أصوات تنهدات وبحثت عن مصدر الصوت مقلباً الجثث فتعثرت بقدم صغيرة حارة وكانت فتاة في العاشرة من عمرها مزقت بقنبلة يدوية ولكنها لا تزال على قيد الحياة وعندما هممت بحملها حاول الضباط منعي من ذلك فدفعته جانباً حاملاً كنزي الثمين ثم واصلت عملي وأصدرت أوامر بإخلاء البيوت من الجثث ولم يكن هناك من الأحياء غير امرأتين إحداهما عجوز اختبأت خلف كومة من الحطب
كان في القرية ما يزيد على 400 شخص وهرب ما يقارب الأربعين أما الباقون فقد ذبحوا دون تمييز وبدم بارد وعدت إلى مقر الوكالة اليهودية في القدس وواجهت زعماءها الذين يتصنعون عدم الرضا عن مثل هذا العمل ولكنهم لم يفعلوا شيئاً من أجل منع ارتكاب مثل هذه الجريمة التي لا توصف”.
قابل رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي العرب وطلبوا منه أن يعودوا إلى دير ياسين لدفن جثث الأموات.
فذكر في تقريره “قبلت المهمة وعدت إلى دير ياسين حيث واجهت قادة الإرجون وهم في حالة عصبية وحاولوا منعي من دخول القرية ففهمت مغزى تصرفاتهم لدى مشاهدتي عدد الجثث المعروضة في صف واحد على حافة الطريق العام وطلبت بحزم المباشرة بعملية الدفن وبعد نقاش طويل امر بوشر بحفر قبر جماعي في بستان صغير وبعد يومين انسحبت الإرجون واحتلت الهاجاناه مواقعها”.
يروي بيجن في حديثه عن المذبحة “أن العرب دافعوا عن بيوتهم ونسائهم وأطفالهم بقوة فكان القتال يبدو من منزل إلى منزل وكلما احتل اليهود بيتا فجروه على من فيه بالمتفجرات (ت.ن.ت) التي أحضروها لهذا الغرض وقمنا قبل أن تسقط القدس القديمة بأعمال كثيرة جليلة فقد استطاع رجالي أن يخترقوا باب العمود وباب الخليل ويكبدوا العدو العربي خسائر جسيمة وهاجم رجال قرية شعفاط. وفي 9 – 10 ابريل قاموا أيضاً مع رجال شتيرن باحتلال دير ياسين وأما تنصل الهاجاناه وقائدها من عملية دير ياسين فقد جابهاه برسالته التي وجهها إلى قائدنا وقائد شتيرن في المعركة في 7 ابريل”
اعتذر بن جوريون للملك الأردني عبد الله ورد بيجن علي الاعتذار فاضحا تواطؤ الوكالة اليهودية
“إنه كان في الأفضل لبن جوريون ألا يرتدي هذا الثوب من الرياء ولقد استغلت الهيئات الصهيونية الرسمية التي كانت خائفة من انتصارات الإرجون والدعم الشعبي اليهودي لها الرواية العربية عن مذبحة دير ياسين وقد كان لهذه الحملة الصهيونية – العربية المشتركة نتائج كبيرة غير متوقعة فقد أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قوي لا حدود له فأخذوا بالفرار للنجاة بأرواحهم وسرعان ما تحول هذا الهرب الجماعي إلى اندفاع هائج جنوبي لا يمكن كبحه أو السيطرة عليه فمن أصل 800.000 عربي كانوا يعيشون على أرض إسرائيل الحالية لم يتبق سوى 165.000 فقط إن الأهمية الاقتصادية والسياسية لهذا التطور لا يمكن المبالغة فيها مهما قيل لقد حاولت دعاية العدو أن تلطخ أسماءنا ولكنها في النتيجة ساعدتنا فلقد طغى الذعر على عرب أرض إسرائيل فقرية قالونيا التي ردت قبلاً كل هجوم قامت به الهاجاناه سقطت دون أي قتال وكذلك أخلى العرب بيت إكسا وكان هذان المركزان يطلان على الطريق الرئيس للقدس ولكن سقوطهما مع استيلاء الهاجاناه على القسطل مكنا من إبقاء الطريق إلى القدس مفتوح وأخذ العرب بالهرب بذعر من باقي أجزاء البلاد حتى قبل أن يصطدموا بالقوى اليهودية فما وقع في دير ياسين وما أذيع عنها ساعدا على تعبيد الطريق لنا لكسب الظفر في معارك حاسمة في ساحة القتال وقد ساعدنا أسطورة دير ياسين بصورة خاصة على إنقاذ طبرية وعلى غزو حيفا”.