مظاهر من الحياة العامة المصرية من القرن 3 الي القرن 7 الهجري
كتب كمال الدين النعناعي
نجد لذي النون المصري ملاحظات لآثار الافراط في الرخاء، نتيجة لاضطراد العلوم والمعارف، فتزداد معها المنافع التي يتمتع بها الناس، فيكثر طلب الناس علي المباهج المعيشية، ولا يأخذ في الاعتبار غذاء الروح فيقول” اليوم يزداد الرجل بعلمه حبا للدنيا ولها طلبا”
كما نجد لهذا الزاهد ملاحظات ذات رؤية حدسية حول ديناميكية نظام المبايعة الانتخابي في الحياة العامة فقد يأتي بأناس غير ٱكفاء فيقول “سيأتي علي الناس زمان تكون فيه الدولة للحمقي”
ومن المعروف ان ذو النون المصري الاخميمي النوبي الأصل توفي سنة 245 هجرية وقد قارب التسعين
وبمنظور أكثر أدراكا لأهمية السلم الاجتماعي يطالب الشيخ الصوفي أبو عبد الله المغربي في النصف الثاني من القرن الثالث بمعالجة مشكلة الفقر ويدعو الاغنياء الي معالجة أوضاع المعدمين الذين وصف حالهم بقوله “وهؤلاء فيهم مكمن الخطر”.
لذلك يجد من الأهمية الحرص علي أداء فريضة الزكاة في أطار معالجة مشكلة الفقر، ففي الواقع يساعد الاسلام علي حدوث الانقلابات الطبقية بشكل سوي، منها تدوير رأس المال بعدم حبسه، أو أنفاقه في أشكال مختلفه كالصدقة / والزكاة/ والهبة، وقد ورد عن امير المؤمنين عمر بن الخطاب قوله “لو أستقبلت من أمري ماأستدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء وقسمتها بين الناس”
فالذكاة هي لغة التطهير والنماء، وشرعا تمليك مال مخصوص لمستحقيه بشرائط مخصوصة، وهي فرض عين لمن توفرت فيه شروطها، وهي البلوغ والعقل والاسلام والنية والملك التام، وحولان الحول اي مرور سنة والنصاب اي قدر المطلوب والحرية وفراغ المال من الدين.
ونجد للشيخ المغربي فطنة مبكرة لعملية التخطيط والإحصاء ففي أقواله نظرة تفترض ترتيبا زمنيا متدرجا لوحدات الوقت يقابله ترتيبا متدرجا لأنماط العمل، فأوصي ان يكون كل عمل لما يوافقه من الوقت فينص :
أفضل الأعمال عمارة الأوقات (جمع وقت) بالموافقات (كل عمل مايناسبه من وقت)
ومع ازدهار الحياة، دخلت موضوعات جديدة في أهتمامات الصوفية مثل موضوع الأعياد كظاهرة اجتماعية تزخر بالفنون، والصنائع، والملاهي، وهؤلاء الصوفية أغرموا باحتفالات الأعياد التي كثرت في مصر بدءا من الدولة الطولونية، حيث أهتم ولاة مصر بالأعياد، فكان بن طولون يقيم المطابخ للفقراء والمساكين يذبح فيها الأبقار والأغنام، ويوزع علي الناس في قدور، كما كان يقيم مائدة كبيرة يدعو اليها الناس كافة، وقد أعتاد آل طولون القيام بمظاهرالاحتفال
وذلك بالخروج بالزي الحسن والسلاح ويقيمون الزينات الملونة والاعلام ويكثر سماع الأبواق، والطبول.