معاً للقضاء على الظل العنف ضد المرأة وطرق التصدّي له
كتبت /منى منصور السيد
يُعدّ العنف ضد المرأة أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً واستمراراً وتدميراً في عالمنا اليوم.
إنه وباء اجتماعي لا يعرف حدوداً جغرافية أو طبقية، ويترك وراءه ندوباً عميقة لا تُمحى على جسد ونفس الضحايا، ويعيق تقدم المجتمعات بأسرها.
في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، يجب أن نرفع أصواتنا عالياً: دورنا حمايتها، وليس إيذاءها.
إن العنف ضد المرأة لا يقتصر فقط على الاعتداء الجسدي، بل هو أي فعل عنيف يستهدف الإناث بشكل خاص ويُسبّب لهن أذى أو معاناة جسدية أو نفسية أو جنسية، بما في ذلك التهديد بمثل هذه الأفعال، أو الإكراه، أو الحرمان التعسفي من الحرية.
تتعدد أشكاله لتشمل الضرب والإيذاء الجسدي، والإهانة والتهديد والسيطرة القسرية (العنف النفسي واللفظي)، والاغتصاب والتحرش (العنف الجنسي)، بالإضافة إلى الحرمان من الموارد المالية أو فرص التعليم والعمل (العنف الاقتصادي).
إن جذور هذا العنف متأصلة في عدم المساواة التاريخية في علاقات القوة بين الرجل والمرأة، وفي التمييز المنهجي الذي يسمح باستمرار هذه الممارسات.
إن القضاء على هذا التحدي يتطلب تضافر الجهود، فالكل شريك في هذه المسؤولية. على المستوى المؤسسي والدولي، يجب على الدول سن وتفعيل القوانين التي تجرّم كافة أشكال العنف ضد المرأة، وضمان محاكمة سريعة وعادلة للمعتدين.
كما يتوجب عليها إنشاء وتجهيز مراكز آمنة وسرية لإيواء ودعم الناجيات نفسياً وقانونياً واجتماعياً، والعمل على تدريب العاملين في أجهزة إنفاذ القانون والقضاء والقطاع الصحي للتعامل بحساسية واحترام مع الضحايا.
أما على المستوى المجتمعي والثقافي، فالعمل يتركز على التوعية والتثقيف. يجب العمل على تفكيك القوالب النمطية والتحيّزات الثقافية التي تبرّر أو تقلل من خطورة العنف.
يجب أن تبدأ هذه التوعية في المنازل والمدارس لغرس مفاهيم الاحترام والمساواة والشراكة بين الجنسين. ويلعب الإعلام ومنصات التواصل دوراً حيوياً في نشر رسائل إيجابية عن حقوق المرأة ورفض العنف، وتجنّب لغة لوم الضحية.
ومن الأهمية بمكان إشراك الرجال والفتيان في هذا النضال، بتشجيعهم على أن يكونوا حلفاء ومدافعين فاعلين ضد العنف.
كما أن التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة يُعد خط دفاع أساسي؛ فمن خلال توفير فرص العمل والتعليم والتدريب، تكتسب المرأة الاستقلالية التي تقلل من اعتمادها على المُعنِّف وتزيد من قدرتها على ترك العلاقات المسيئة. وزيادة تمثيل المرأة في مراكز صنع القرار يضمن تلبية احتياجاتها ومصالحها في السياسات العامة.
إن القضاء على العنف ضد المرأة هو معركة طويلة، لكنها ممكنة. كل واحد منا لديه دور يلعبه:
من إدانة أي فعل مسيء، إلى دعم الناجيات، مروراً بتعليم الأجيال القادمة الاحترام. لا يجب أن يكون الخوف هو ثمن وجود المرأة في هذا العالم. اليوم، وغداً، وفي كل يوم، نلتزم بأن نحميها، ندعمها، ونقف معها.




































































