معبد دندرة.. سحر الحضارة المصرية يروي أسرار الحب والفلك في قلب قنا
ميرفت رضوان
على ضفاف النيل الغربية، في مدينة دندرة التابعة لمحافظة قنا، يقف واحد من أعظم المعابد المصرية القديمة وأكثرها احتفاظًا بجمالها وتفاصيلها، وهو معبد دندرة، المخصص لعبادة الإلهة حتحور، سيدة الحب والموسيقى والجمال في الميثولوجيا المصرية.
حضارة محفورة على جدران الجنوب
يمثل المعبد نموذجًا فريدًا للعمارة المصرية البطلمية والرومانية، حيث بدأ بناؤه في عهد بطليموس الثاني عشر، والد كليوباترا الشهيرة، واستمر تطويره حتى العصر الروماني. ويضم المعبد مجموعة مدهشة من القاعات، والأعمدة المزخرفة، والسراديب، والتماثيل والنقوش التي لا تزال تحتفظ بألوانها الأصلية حتى اليوم.
الزودياك.. السماء مرسومة على الحجر
أحد أهم معالم المعبد هو “زودياك دندرة”، وهو رسم فلكي دقيق محفور على سقف المعبد، يُظهر الأبراج السماوية والكواكب، مما يعكس إدراك المصريين القدماء لعلوم الفلك والمواقيت، واستخدامهم لها في تحديد مواعيد الأعياد الدينية والطقوس.
سراديب غامضة وقدس أقداس
يضم المعبد أيضًا سراديب تحت الأرض كانت تُستخدم لحفظ أدوات الطقوس، ويحتوي على “قدس الأقداس” الذي كان يُخصص لحفظ تمثال الإلهة حتحور، إضافة إلى قاعات جانبية كانت مخصصة للكهنة والاحتفالات الموسيقية والطقسية.
كنز سياحي ينتظر الدعم
ورغم عظمة المعبد وتفرده الفني والمعماري، إلا أنه لا يحظى بالشهرة السياحية التي يستحقها مقارنة بمعابد الأقصر وأسوان، ما يفتح الباب أمام وزارة السياحة والآثار لتكثيف الجهود في الترويج له ضمن خطط تنشيط السياحة الثقافية في صعيد مصر.
ومعبد دندرة ليس مجرد موقع أثري، بل هو وثيقة حضارية ناطقة تشهد على مدى تطور المصريين القدماء في مجالات الفن والعقيدة والفلك. وبمرور الزمن، يظل المعبد رمزًا لروعة العمارة القديمة، وجسرًا يربط بين الماضي المجيد والحاضر الباحث عن جذوره.