مفاهيم وعقول. فقه الحرب من النص التوراتي الي النص القرآني
دكتور/ كمال الدين النعناعي
بسم الله الرحمن الرحيم
ويسألونك عن ذي القرنين؟
صدق الله العظيم
ليس من سبب لدي اليهود في سؤال محمدا رسول الله عن
ذي القرنين الا قواعد الحرب
في النصوص الدينية التوراتية
لديهم و التي تبغي الابادة للغير
تستهدف فناء الذكور حتي الرضع
بزعم أنهم ينفذون وصية الرب دون أعمال العقل والفهم واخذ بأسباب العلم لخلق فهم متجدد للنصوص الموروثة
فالمعرفة صارت متراكمة
تكشف عن تطور الذهن البشري باستمرار ومن ثم ارتقاء مفاهيم
التفسير النصي باستمرار
ولعل من عيوب الإرث الوراثي
أرث المفاهيم الذهنية عندما ينغلق عنصر بشري علي نفسه
بسبب الوغول في الذات الواحدة العنصرية حصريا
لذلك موروثات قواعد الحرب
التوراتية ظلت عبر مئات السنين متحجرة لم يطالها تجديد ..
فليس من المستغرب ان يلتفت
اليهود الي الاتجاه المعاكس في
قواعد الحرب لذي القرنين
مستغربين تناقض قواعد الحرب لديهم رغم ان الادعاء مماثل
لكلا الطرفين…
ان الحرب باسم الرب..
فكيف يكيد الرب لعباده بالابادة
علي يد اليهود؟
وذات الرب يحنو سلاما علي عباده علي يد ذي القرنين؟
فضلا عن تأريخ الحالتين يعود
الي الزمن القديم..؟
في هذه الأيام،
يهمنا من مجالس الحرب ثلاث.
فالمجالس الثلاثة ترتبط مرجعيتها بالشخصية التاريخية
الكامنة في نفوس قومها…
ففي الأعماق النفسية الاسرائيلية تكمن شخصية شمشون الجبار العبري يهدم ولا يفاوض
يقصف ولايصارع، يدمرولا يفكر
بينما يكمن في الاعماق النفسية
الفلسطينية شخصية جالوت الجبار الفلسطيني يصارع
ولا يستسلم ولا يتراجع.
يقاتل من أجل قومه وضد
قواعد الحرب المنسوبة للتوراة
ليظل ميزان الترجيح في المسألة الاسرائيلية الفلسطينية
رهن أطروحة ثالثهما
القائد الغازي ذو القرنين.
فتحت نفس الادعاء تختلف قواعد الحرب بين النقيضين.
هذا القائد العظيم ترك منهاجا في فن ادارة الحرب وفي فن ادارة السلام وخلف فهما راقيا
في فقه الحرب
فمرجعيته تنبني علي عدة اسس متوازنة علي النحو التالي،
(1) السبب السليم للحرب هو السلوك السليم في الحرب
وهو صحيح الاعتقاد في الله
والعمل الصالح علي الوصايا
العشر
(2) فقواعد الحرب لدي ذي القرنين ان الجيش الغازي هو خادم لفكرة بناء ة في أرض الغير ولصالح الغير ولسلامته و لانه
جاء باسم الرب فكل أفعاله تنسب الي الرب..
(3) الحروب حالة نسبية تتشكل وفقا لكل شأن علي حدة
فمن أمن بالله وعدالته وجب فيهم حسنا فقد أستوي امر الحرب وأستقامة نتائجه
(4) من آداب التخاطب وقت الحرب في الحديث الاعلامي
من الغازي لأهل البلد يكون بمنطق العدل السامي وليس بمنطق السحق والهدم والتشريد فهو ليس من وصايا الرب
(5) أستراحة المحارب هي الوجه الأخر لمهام الجيش، وهي
حالة انتقاليةتنتقل من أعمال الحرب والقتال الشريف
الي أعمال الخدمة في الاعمار الآمن للسكان وصون البيئة وأرزاق الناس
وذلك قانون الله..
فالجيش الذي يحارب باسم الرب خادم للشعب الذي يعيش معه قرباء أو غرباء سواء في موطنه او في غير موطنه وغير أناسه وغير أرضه فمن أحيا نفسا أحيا الناس جميعا إذ لا يحق لفصيل من الناس العمل علي اندثار فصيل
واعمال الهدم والفساد والتبديد
فكان ذلك هو منهج القائد ذوالقرنين في قوله تعالي علي لسانه.
( فأما من آمن وعمل صالحا فله جزاءا الحسني،
وسنقول له من أمرنا يسرا)
وعلي الوجه الآخر،
لما بلغ بجيشه الوجهة الاخري أستعان بالجيش وأهل البلد
ليقيم لهم بناء جداريا حصينا
ليكون أمنا وسلاما لذلك البلد
فجاء قوله تعالي علي لسانه.
( فأعينوني بقوة…)
وجلة منهج لذي القرنين أن مهمة الجيش هو النفع العام في الحرب باسم الرب والنفع العام في السلم،بسم الرب ففي كلتا الحالتين غايته حفظ النفس
التي حرم الله الا بالحق.، هو ما يناقض الوازع الاسرائيلي فيشرع للابادة بلا تمبيز فليس من معني
للحرب ولا معني للنصر ان تعيش وحدك؟
وكم من السفاسف الا تعير للاخاء
قدرا ظنا منك انك انت المقرب
من الرب والافضل
،
، وتبقي اشكالية أنعدام تجديد؟الخطاب الديني اليهودي من خلال إطلاق طلاقة معني
النص اللفظي..
فليس حجة لمن احتج بالنص القائل في سفر التكوين
(لنسلك اعطيك هذه الأرض من النيل الي النهر الكبير الفرات)
فالنص بلفظ (نسل) لايشمل الذين اعتنقوا اليهودية من الذين ليسوا من نسله وجاءوا من أرض اخري ولكونهم ليسوا ممن
وعدهم الرب فدعواهم باطلة
،و النص التوراتي حاد بوعد مقيد بالنسب، ليس فيه تجنيس
سعة الفهم فيه انه لا يعطي حقآ
مطلقا لبني اسرائيل بالأرض ولا
يسمح لتهجير من فيها من الفلسطينيين
ولا يثبت امر ملزم لليهوديات اللائي تزوجن من رجال مسلمين او مسيحيين بالعنصريةالمغلقة
ولا يحدد عدد الاجيال والازمنة
المنوطة بسبب الوعد وحيثياته
فالوعد التوراتي بني علي الايمان بالله حين اصطفي الله لهم الدين من سبق الايمان دون
الفلسطينيين الذين لم يكونوا قد بلغوا الايمان بعد
فكلمة الله بهذا التوصيف تتسيج ازمنة معلومة مقيدة بمدي انتشار
صحيح الايمان بالله.
في حين جاء النص القرأني مفعم بالاثنية مناسبا لبلوغ
الطرفين صحيح الايمان بالله
فأقتصر علي اخفاق وجهاء الكيان بما يفضي الي اعتدال
الميزان بين حقوق العنصرين
بينما نص الوعد التوراتي نحيل
لا يجزم بكيفية انفراد ذلك النسل الموعود بالأرض دون المقيمين فيها من الفلسطينيين
بينما يثبت النص القرأني بسورة
الإسراء التي ورد بها الوعدان الالهيان لبني اسرائيل التواجد
الاثني اليهودي الفلسطيني
وعدا عليه حقآ بلفظ صريح
وسعة أفق وعدالة تناسب مكانة
كلمة الرب واكتمال ايمان العنصرين العربي واليهودي
ففي تجمدالمفاهيم والعقول
واعتناء بمملكة سماوية عنصرية
يتهم اللفظ التوراتي بعدم الدقة
وليس ذلك ممايؤول الي وصف كلام الله بضيق الأفق؟