نقلها لكم ناصف ناصف
شعر د.عبد الوهاب برانية
صغيري أحمد ابن سبع سنوات، طفل (داون سندروم) جميل الخلقة والرفقة كنسمات العصاري الرطيبة، وماء الجداول الرقراقة، قبلته مدارس التعليم الحكومي بالصف الأول لهذا العام وسعينا لدى التأمين الصحي للحصول على الدمج بالأطفال الطبيعيين ليكتسب مهارات جديدة ويتعلم النطق بدمجه معهم، لكنَّ من أخضعوه بالتأمين الصحي لمقاييس الذكاء عابوه وغبنوه، بل قيل له بلسان الحال والمقال:نخشى من عدواك وأنت منغولي ليس لك حق في الدمج، ولم تفلح معهم التوسلات ولا بكاء ودموع الآباء والأمهات. فما لنا يارب سواك.
ولدي صغيري أحمدٌ متلازمٌ
وهديةٌ من صنع رب العالمينْ
من سبع أعوام مضت أُعْطِيتُهُ
ليكونَ في كَنفِي على مر السنينْ
عبق الحياة وعطرها وعبيرها
متضوعٌ بالمسك مثلَ الياسَمِينْ
طفل كما الطير النُّغَيْرُ وداعةً
أو كالنسيم ورائق الماء المعينْ
هو في حياتي كالملاك إذا بدا
أو مثل عصفورٍ يزقزق كل حينْ
إن غبت عنه سويعةً أشتاقه
فأروح معتجلا بذياك الحنينْ
ألقاه بالتحنان أغمره مليا
بين حانيتين والقلب الحزينْ
فيقول: بابا مفصحا فأضمه
ضما وأرتشف المحيا والجبينْ
ويقول: ماما يستدر بقولها
دمع الأمومة من أخاديد العيونْ
هذا الملاك يعيش مؤتنسا بنا
نرعاه نفهمه نبادله الأنينْ
من ذا يضم يديه يمسح رأسه
لو تاه بعد وفاتنا في التائهين؟
من ذا يؤاكله ويجلو بؤسه
مترفقا لا قاسيا كالجالدينْ
من ذا الذي يلقاه صبحا باسما
وينيمه بالليل نوم الحالمين
من أجل ذا قلنا نعلمه وندمجه
بأطفالٍ فصاحٍ كي يُبين
لكنَّ قاسيةً أبتْ أو قاسيا
أن يدمجاه لينخرا الوجع الكمينْ
ذرفت عيوني دمعها لصغيرنا
ولقسوة المقياس والظلم المبينْ
قالوا لطفلي مَنْغُلٌ ليست له
أدنى حقوق طالما لا يستبينْ
قلت ارحموه إنه طفل بريء
خائف من ظلمكم هذا المهينْ
فالصنع صنع الله لا من صنعنا
لو كان صُنْعَكُمُ لقطَّعنا الوتينْ
يا هؤلاء المجحفون تواضعوا
فالخلق خلق الله رب العالمينْ
وتعلموا ممن تواضع وارتقى
بمدارج الإيمان مرقاها الثمينْ
هل غركم أن القرار قراركم
في الدمج حتى صرتمُ متعسفينْ
هل قد أمنتم من مغبة رفضكم
أن قد نجوتم من إعاقات البنينْ
فالدِّين للديان جلَّ جلالُهُ
فاربأ بنفسك لا تُدَانَ ولا تُدِينْ