هل سينجح مهند المصري في تغيير العقلية الاقتصادية السورية؟
كتب : د.عبدالله مباشر وم.
مازن رفاعى
“نحن نؤمن أن بناء الدولة لا يحتاج خطباء ومشايخ في المؤسسات، بل يحتاج إلى رجال دولة، وخبراء اقتصاد، وحماة قانون، وعمالة مهنية متخصصة في كل المجالات، أي كل يعمل في اختصاصه، ومسؤولين يعرفون أن العدالة لا تُجزأ، وأن الدولة تُبنى بكل مكوناتها، وأن إقصاء الكفاءات يعيد إنتاج الفساد والمحسوبيات والنفاق”.
عبارات وطنية صادقة، تصب في مصلحة مستقبل سوريا المشرق القادم، ولكن في أعماقها توجه نقداً لاذعاً لإدارة البلاد من قبل الحكومة الانتقالية. ولكن الغريب والمثير للاهتمام أنها صادرة عن صديق الرئيس!
مهند فايز المصري، رجل أعمال، له يد طولى في الأعمال الخيرية خارج إطار التصنيفات السياسية للمستفيدين منها، والأهم من ذلك قدرته على إيصال الدعم المالي اللامحدود لفصائل المعارضة في الشمال السوري، والتي كانت مهمة شبه مستحيلة آنذاك. الأمر الذي جعله يدفع الثمن سنوات من عمره في السجن، أنهاها الرئيس “الشرع” خلال زيارته للإمارات، وعاد به إلى سوريا على متن طائرته الخاصة!
هذا المشهد غير المألوف لم يستثمره “مهند”، كما يقول المنطق التجاري السوري السائد منذ أيام الأسد، فقد ظل بعيداً عن أي منصب سياسي أو حكومي، وعن أي مكاسب أو تجاوزات. كان من المفترض أن يقتنصها كرجل أعمال سوري (صديق الرئيس)، بل عاد مهند كأي رجل أعمال إلى ممارسة نشاطه الاقتصادي المميز بدون أي ضجيج.
والأغرب من ذلك أنه ابتعد عن التمجيد لمخلصه وداعمه “الرئيس” واقترب عملياً من الواقعية السياسية لبلد مدمَّر بشرياً واقتصادياً، فهو يرى أن “من حق كل سوري أن يشارك في كل تفاصيل بناء دولته، ولا إقصاء لأحد في دولة العدالة والقانون، فالاقتصاد، والإدارة، والمجتمع المدني، وكل جهات العمل في سوريا بحاجة إلى جهود جميع السوريين، من كل المكونات، وفي كل مناطق سوريا، دون استثناء”.
تكشف هذه العبارات التي كتبها مهند عن عقلية متقدمة استثنائية لم يعتد عليها السوريون بعد، وتطرح استراتيجية مستقبلية واعدة، تترك ورائها سنوات الفساد والتجاوزات وامتياز السلطة، وتعبر عن رؤى تطويرية تحمل وجهات نظر جريئة في السياسة وتقدم خيارات عقلانية في بناء الدولة وإدارتها…
الامر الذي يزيد الرجل غموضاً في أعين السوريين ورجال الأعمال، ليصبح “مهند ” حديث المجالس الاقتصادية والسياسية على حد سواء. يُنظر إليه كـ “الرجل الغامض”، الذي يقدم للسوريين وجبة فكرية دسمة، تعزز من إعادة بناء الشخصية السورية التي أنهكتها سنوات الظلم والتجبّر والفساد. فهل سينجح؟