واعلموا أن فيكم رسول الله
كتب : سامى أبورجيلة
فى مثل هذه الأيام من كل عام تحتفل الأمة الإسلامية بميلاد سيد البشرية ( سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم )
والكل يتبارى فى الكلام والتحدث عنه ، والأشعار ، والتغنى به ، والكتابة عنه ، ثم ماتخبو كل تلك الأشياء بعد ذلك .
وفى ضمير البعض أن هذا يكون إحتفاء واحتفالا بسيدنا محمد .
وهذه من الأخطاء الشائعة للأسف الشديد ، لأننا نرسخ فى وجدان صغارنا وشبابنا ان الاحتفال لميلاد سيد الخلق ورسول الحق متوقف على تلك الأيام المعدودات .
ولكن لابد أن نعى جيدا أن احتفاءنا ، واحتفالنا بميلاد أعظم الخلق لايحدد بمدة معينة ، ولايجب أن يتوقف على يوم معين ، ولا شهر معين ، بل هو طول العمر ، ومادامت الأرواح فى الأجساد سيظل رسول الله هو المنهج والنبراس ، والأسوة والقدوة لنا جميعا .
لذلك قال رب العزة ( لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ) اى بلا توقف ، ولا بمدة ، بل طول العمر .
لذلك قال تعالى ” واعلموا أن فيكم رسول الله … ”
أى أنه فيكم بمنهاجه ، وسنته ، وأخلاقه ، ومعاملاته ، فإذا كان قد مات كجسدا ، فإنه لم يمت كنهجا وسنة وقدوة وأسوة .
وقال أيضا ( لقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدى به الله من أتبع رضوانه سبل السلام * ويخرجهم من الظلمات الى النور )
اذا اول شئ اذا احببنا أن نحتفى برسولنا ( صلى الله عليه وسلم ) هو الاتباع والاقتداء .
اتباع سنته ، الاقتداء بأخلاقه ، ومعاملاته ، وحياته .
فكيف تحتفى برسولك ، بل تقول ( فداك مالى وروحى يارسول الله ) وأنت بعيد كل البعد عن طريقه ، وعن منهاجه .
لذلك قال رب العزة سبحانه وتعالى :
” قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله “
فحب رسول الله ليس حبا عاطفيا ، بل هو حب إتباع وإقتداء وتأسى .
فكيف تحتفى برسول الله وأخلاقنا بعيدة كل البعد عن أخلاقه ، فحينما أراد الله أن يزكيه ، لم يزكه بأى شئ من متع الحياة ، ولكن زكاه فى أخلاقه ، فقال سبحانه ( وإنك لعلى خلق عظيم ) فأين أنت من هذا الخلق العظيم؟
وحينما سئلت أم المؤمنين عائشة عن أخلاقه ، قالت ( كان خلقه القرآن ) واردفت قائلة ( كان قرآنا يمشى على الأرض ) .
لكن للأسف نجد بعض ممن يحتفلون به ، او يدعون للاحتفال به اخلاقهم بعيدة كل البعد عن أخلاق من يريدون الاحتفاء به ( فيكثر الكذب فى أقوالهم ، والغش فى معاملاتهم ، والزور فى شهاداتهم فكيف يستوى هذا مع قولهم )
اللين وعدم الغلظة كان منهاج حياته ، لذلك قال له ربه ( ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك ، فاعف عنهم ، واستغفر لهم ، وشاورهم فى الأمر ، فإذا عزمت فتوكل على الله )
فهل نحن قلوبنا لينة مع بعضنا ، ومع أولادنا وزوجاتنا ، هل نعفوا عمن ظلمنا ، ونعطى من حرمنا ، ام كثر بيننا الشقاق ، والحقد ، والكراهية ، وملأت القلوب القسوة ، والغلظة ، حتى ان بعضنا يتمنى ان يقطع رقاب بعضنا ، ثم بعد ذلك نقول نحتفى بميلاد رسولنا ، كيف ذلك لاأدرى !
إحتفاؤنا ياسادة بميلاد سيد البشر هو تطبيق وعمل واقتداء وتأسى ، وليس كلاما مرسلا ، ولا اشعارا ولا نثرا ولا خطبا رنانة .
بل حينما نسير على طريقه ، وهداه سيحترمنا غيرنا ، ونقوى بسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم ، وبذلك يكون احتفاؤنا برسولنا طول عمرنا وليست اياما وساعات والكل بعد ذلك يذهب الى دنياه ولايدرى ماذا فعل وماذا قال وماهو الطريق .