استوقفني منشور لصديق مفاده أن دور رعاية المسنين هي لمن لم ينجبوا رجال والحقيقة أن هذا المنشور جعلني اعود بالزمن إلى مدة ليست بالطويلة حين كانت المرأة العاملة و أقاربها من أم أو حماة بالخصوص يواجهون من لوم بل من تهم حين كانت تلك المرأة تضع صغارها في دار حضانة !
وقد تسبب هذا التدخل اللعين في خصوصيات الآخرين في كثير من المشاكل فكثيرا ما كانت صحة الأم أو الحماة لا تتحمل رعاية الصغار خاصة لو كانوا لأكثر من ابنة وابن فكانت بيوت الأجداد تشبه دور الحضانة وكانت الجدة احيانا تواجه اتهام بتمييز حفيد عن حفيد ربما هي كانت تجد من وجهة نظرها أن أحدهم يحتاج رعاية عن الآخر وربما بدون قصد وربما… وربما كلها أسباب أدت إلى وجود مشاكل أسرية دفعت البعض الشقاق و للقطيعة
تغير الزمن الآن وأصبح على الوالدين البحث عن دار حضانة لحجز مكان فيها ومازال جنينهم لم يكتمل نموه! وقبل أن يبلغ شهور قليلة عليهم البحث عن واسطة لمدرسة تقبله في رياض الاطفال بها !
أما دور رعاية الأيتام فحدث ولا حرج من نظرة المجتمع لها ولخريجيها وحدث ولا حرج عن المعاملة الوحشية للاطفال من بعض العاملين بها
نسي الكثير أن لا أحد منا اختار ظروف ميلاده ولا ظروف نشأته وتعليمه الأولي البعض يعتقد أن نزيل دار الأيتام لقيط مجهول النسب والحقيقة أن لكل طفل ظروف أجبرته على الحرمان من وجوه بين أفراد أسرته وحتى اللقيط ماذنبه أن يدفع ثمن خطأ غيره ولن أبالغ إذا قلت إن هناك دور رعاية أيتام احن على الصغير من والديه فهناك من انتزع الله من قلبه الشفقة والرحمة
أما دور رعاية المسنين فمن وجهة نظري أنها اليوم أصبحت ضرورة نظرا لانشغال الأبناء في السعي وراء لقمة العيش ووجود اطفال تحتاج مزيد من الرعاية قد يظن البعض أن رعاية الوالدين تقتصر على مكان نظيف ومستقل في البيت وأنه يأكل ويشرب و يتناول أدويته في مواعيدها
من وجهة نظري أن هذه الرعاية لا تكفي فقد تصل بالمسن لدرجة الاكتئاب
علينا أن نغير نظرتنا لما هو كائن في حياتنا علينا أن نعي أن التعاطف مع قضية قد يكون مثل السكين البارد مؤلم نعم هناك من هو جاحد وعاق والديه لكنهم قلة وهناك مقصر في حق والديه أو أحدهما وهذا بالتأكيد بدون قصد لكن الغالبية مازالت على خير
لقد تغير الزمن لم تعد السيدات كبيرات السن يجلسن معا للتسامر مثل الماضي ولا الرجال يجدوا في القهاوي وسيلة تسلية الزحام والضوضاء والتباعد الاجتماعي أفقد كل شيء جماله وبهجته في نظر الكثير
علينا أن نهتم جميعا بدور رعاية المسنين وأن نتفهم أنها بمثابة نادي اجتماعي وأن نعمل على تطويرها فيمكن أن نحولها لمكاتب استشارات عن طريق استغلال خبرات قاطنيها ويمكن أن تصبح مراكز إنتاج لما لا فهناك الكثير والكثير من كبار السن لديهم القدرة على العطاء ومساعدة الآخرين
يمكن أيضا دمج بعض هذه الدور مع بعض دور الأيتام فكلاهما يحتاج الآخر
علينا أن نتفهم احتياجات كبار السن النفسية والاجتماعية والثقافية والعاطفية نعم والعاطفية لما لا فهو مازال كائن حي يحتاج من يؤنس روحه ويشاركه أحلامه
إن هذا ما يميز الغرب عنا أنهم يعيشون الحياة كأحياء بينما عندنا كبير السن بل والصغير أيضا يعيش ميت فقط في انتظار ملك الموت لينتزع روحه من الحلقوم
اعلموا أن العمر كأس سوف نشرب يوما ما صببنا فيه وأننا جميعا إن مد الله في اعمارنا سوف نحتاج أن نشعر أننا احياء أننا لا نمثل عبئا على أحد وأننا ينبوع عطاء