نحو إستراتيجية وطنية للمرونة المؤسسية
كتب : أحمد فكري زلط
نحو إستراتيجية وطنية ….
المرونة (Resilience ) في صناعة واتخاذ القرارات في مختلف بيئات الأعمال هي محددات أساسية للنجاح في إدارة الأزمات والمخاطر مهما كانت طبيعتها أو مجالها وأصبح من المهم التحول إلى ثقافة المرونة المؤسسية القائمة على سرعة اتخاذ القرار ، وسرعة الاستجابة، واستشراف المستقبل وتحديد الأولويات لتصبح المؤسسات أكثر جاهزية لمواجهة الأزمات
والكوارث.
وتختلف آليات تحقيق المرونة ومستوياتها من مؤسسة إلى أخرى، معتمدة على قدرات وإمكانيات موظفيها من حيث سرعة الاستجابة لطلب تسهيل الاجراءات، وتشجيع ممارسات المرونة بصفة عامة، وتوفر عنصر بُعد النظر وسعة الأفق، والقابلية للتكيف وتعديل الأوضاع، وأخيراً تواجد روح المبادرة والقدرة الإبداعية.
ويجب استخدام المرونة في المؤسسات باعتدال، ودون الاخلال باجراءات العمل المتبعة، والتي تكمن أهميتها في تحقيق الكفاءة والدقة والرقابة، وتوحيد العمل وعدالة توزيع المهام، والبعد عن الفوضى والإهمال، وضمان تنفيذ المهمة المكلفة وتوثيقها.
وفي المقابل فالجمود والتمسك بتنفيذ الأوامر دون التفكير المطلق في تسهيلها، من شأنه تأخير الخدمات وتعقيدها، وإضاعة الوقت، وخلق جمود مقاوم للتغير، وتحول السلوك الإداري لعملية روتينية.
إذاً المرونة ضرورية لتحسين الأداء وليست رفاهية، فالمؤسسات بحاجة إلى تطبيق المرونة دون تفريط أو افراط، وحتى تحقق مرادها كمؤسسة لتسهيل المعاملات ورفع رضا العملاء وتسهيل الإجراءات وتحسين الخدمات وتمكين المؤسسة وموظفيها، واختصار الوقت مع زيادة الكفاءة والانتاجية، أما ايجابيات المرونة على الموظفين فتكمن في التخفيف من الإرهاق الفكري، وتوفير الوقت والجهد، وزيادة التحفيز والرضا، ورفع الروح المعنوية، وتحسين علاقات العمل
ولذلك فالحاجة إلى تطبيق المرونة بعقلية محترفة، تدرك واقع المؤسسة وإجراءاتها، ولا تكف عن التفكير في أي مخرج سريع لأي اجراء معقد، بات مطلباً مهماً وضرورياً من أجل بلوغ التميز الحكومي والوصول بالمؤسسة إلى مكانة مرموقة.
تهدف المرونة إلى التخلص من بعض الخطوات الروتينية الزائدة والتي لا يؤثر إلغاءها على القيود والإجراءات المطلوبة. وجودة ودقة الخدمة المقدمة
و تمكين الموظف من بعض الصلاحيات التي تحقق المرونة من شأنه تعزيز مكانته في المؤسسة وبالتالي زيادة ثقته بنفسه من حيث المعرفة والإنجاز. والاحساس بأن له بصمة واضحة في مقر عمله.
و فتح الباب أمام المرونة المؤسسية من الأسباب التي تدفع للاستجابة والتفاعل وبالتالي لظهور الكثير من الأفكار المبتكرة التي ينتج عنها تسارع عجلة التطوير والتميز المؤسسي.
وقد أثبتت جائحة فيروس «كورونا المستجد كوفيد 19» الدور الحيوي والرئيسي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأدت إلى خلق إيمان عميق بأهمية تسريع مبادرات التحول الرقمي في الحكومات والمؤسسات المختلفة، حيث أصبحت العديد من الخدمات والمنتجات التكنولوجية المختلفة تساعد في الحصول على خدمات أساسية في قطاعات عديدة مثل خدمات الرعاية الصحية، التعليم، السلع الاساسية، وغيرها من الخدمات الأخرى. وقد تعلمنا من جائحة فيروس كورونا المستجد بأنه لا يمكن التنبؤ بالمخاطر بشكل كامل، ولكن من الضروري ضمان الاستعداد والجاهزية لجميع المخاطر الناشئة والعمل علي وضع الأطر اللازمة للاستجابة وتقليل التأثيرات الناتجة عن هذه المخاطر بالشكل المناسب. و تشير التقارير العالمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بأن أكثر الخدمات والمنتجات المتأثرة إيجابيا هي ( خدمات الحوسبة السحابية، الاتصالات المرئية والصوتية، تكنولوجيا المعلومات للقطاع الصحي، الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي، التعهيد، الدفع الإلكتروني). في حين أن أكثر الخدمات والمنتجات المتأثرة سلبًا هي المرتبطة بـ(الواقع الافتراضي والواقع المعزز، الثورة الصناعية الرابعة ، العملات الإفتراضية). وأن أكثر القطاعات التي ستشهد ازدهارًا فيها خدمات ومنتجات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هي ( قطاع الخدمات الطبية، القطاع الحكومي، قطاع التعليم، قطاع الاتصالات، قطاع خدمات المياه والكهرباء والغاز).