احتلت الأمراض والأوبئة مساحة كبيرة من المجتمعات العربية
والأجنبية ومن بينها الفساد، وهو التغير من الحالة المثالية، إلى الحالة المضادة، وهو تحول واضح لكنه مؤذٍ، فتسعى الدولة جاهدة للتخلص ومكافحته وقمع المخاطر الناتجة عنه، وهذا ليس عمل فردي فإن أحس عضو من أعضائنا بالألم فسائر الأعضاء تشعر بما يشعر، فما بالك بدولةٍ، أصيب جزء منها بالفساد، فتداعى سائر أركانها بالسهر والمعاناة، على أن يتم التخلص الآمن وفلترة العضو المختل إما بالسيطرة على موضع الألم وتحجيمة أو بتره نهائيًا حتى يحيا سائر الجسد معافى..
ولذا علينا أن نعرف إن الفساد ليس مجرد كلمة تُقال أو حروف تُكتب، حيث يحمل معنيان لغوي، واصطلاحي.
لغةً، يعني البطلان وهي عكس صلح.. أما اصطلاحًا، ليس محددًا بشكل كامل إلا أنه يحدث عادة في حال قبول موظف رشوة لتسهيل إجراء معين أو طرح مناقصة عامة، أو استغلال الوظيفة لتعيين الأقارب أو الأصدقاء (المحسوبية) أو حتى استغلال السلطة في القضاء على أحلام الأخرين.
إن حاولنا البحث في كل حرفٍ ودوره في إظهار ما فسد منه أو عطن، سنجد إن الفاء وحدها فراغٌ ولّد المعاناة وأثقل كاهل البائس بالأمنيات فيحاول تحقيقها حتى وإن كانت على أكتاف الأصغر درجة أو سنا..
من ناحية أخرى هي فاء الفائدة، بمعنى (مصلحتي أولا) ولا عزاء للمقهورين، لا مراعاة للكادحين، ولا أمل للعاملين..
و إن انتقلنا للحرف التالي، سينٌ رغم إنها تحمل السماحة والسمو إلا إنها هنا تحمل السم، تجعلك تتجرعه عمدًا كي تموت وتفسح الطريق للمستغلين..
ومنها إلى الألف التي كسرت الألفة والأمان وأحالتهم إلى انهيار واحتقان واستغلال وكلها تصب في مصلحة المستغل صبا وتقهر المجدين وتحشرهم في بوتقة لا فرار منها..
أما الدال فدلو به ثلج يلقى بوجوه الفئة الكادحة المطحونة التي عليها أن تحمل التراب فوق رؤوسها ولا تتفوه بكلمة..
قرأت يومًا مقولة لموراكامي قال فيها
“إنّ الناس يموتون في كل وقت، الحياة أكثر هَشاشةً مما نَظُن، لذا ينبغي أن تُعامل الناس بطريقة لا تخلّف وراءها ندمًا.”
لكن، لا مجال لتطبيقها عند البعض، ولا وقت لتصديقها..
تتسع أعيننا على وقع الحكايا التي نسمعها من فسادٍ هنا وابتزاز هناك..
صخب متعمد حول الطمأنينة والأمان والشرف، رغم بعد الكثير عن ما يرمون إليه.!!
ومن واجبنا جميعا أن نتكاتف للقضاء عليه، يكفي أننا بأيام لها قدسية خاصة، علينا أن نخرج منها بحالٍ أفضل مع الله، كي نلتقي بعيد الأضحى المبارك بنفوسٍ صافية، وقلوبٍ مملوءةٍ بالحب.