ارشميدس عاريا فى شوارع المدينة … وجدتها .. وجدتها !

لمبدأ أرشميدس قصة طريفة ، ترويها كتب التاريخ حيث يقال

أن الملك اليوناني هيرون أمر بصنع تاج من الذهب الخالص، وأوكل المهمة إلى صائغ ماهر بعد أن سلمه وزناً معيناً من الذهب. وفي الموعد المحدد تسلم الملك تاجه، وأعجب بمهارة الصناعة ودقة التنفيذ..

إلا أنه انتابه شك في أن الصائغ قد سرق جزءاً من الذهب، وأنه قام بخلط الذهب بمقدار من الفضة ليحافظ على الوزن، ويداري فعلته الشنيعة.

والتفت الملك إلى فيلسوفه المقرب أرشميدس (212 ق.م)، وطلب منه توفير حل لهذه المعضلة، وإيجاد طريقة يمكن بواسطتها معرفة حقيقة الأمر.

وهيمنت هذه القضية على تفكير الفيلسوف اليوناني وراح يقلب الأمر يمنة ويسرة؛ فقد كان أرشميدس يعرف كثافة الذهب الخالص، وهي وزن الذهب لوحدة الحجم، فلو استطاع أن يقيس حجم التاج لسهلت المهمة، ولأدرك في الحال ما إذا كان التاج مصنوعاً من الذهب الخالص أو مخلوطاً بالفضة.

ولكن ما من وسيلة لقياس حجم التاج الرائع الصنع بكل ما فيه من تعرجات فنية جذابة، وأشكال جمالية متباينة، وأنماط هندسية متداخلة؟.

لو كان بإمكان أرشميدس أن يصهر التاج، ثم يقوم بتحديد حجم سائل الذهب بواسطة وعاء معروف الحجم لانتهت العملية.. لكن

صهر التاج سيغضب الملك اليوناني ويثير حفيظته!.

ولو كان بإمكان أرشميدس أن يدق التاج بالمطرقة إلى أن يتحول إلى قالب مستطيل لأمكنه معرفة الحجم ولانتهى الإشكال.. ولكن الملك لن يكون سعيداً على الإطلاق بتحطيم تاجه، وتحويله إلى مجرد قطعة باهتة المنظر.. مستطيلة الشكل!.

وهكذا أصبحت قضية التاج الشغل الشاغل للفيلسوف اليوناني، وأصبحت هماً ملازماً له حيثما غدا وراح.

وذات يوم وبينما هو في الحمام لاحظ أنه كلما أنزل جسمه في حوض الماء أرتفع الماء أكثر فأكثر؛ أي أن جسمه قد حل محل جزء من الماء في الحوض.

وفجأة برق حل لمشكلة التاج أمام ناظري أرشميدس، وتبدت له وسيلة ناجعة للتغلب على المعضلة التي شغلت ذهنه وذهن مليكه، وقفز أرشميدس من الحمام،

واندفع في شوارع المدينة ارشميدس عاريا وهو يقول: “وجدتها….وجدتها”.

لقد أدرك أرشميدس أن حجم الماء المزاح في حوض الماء يساوي حجم الجزء المغمور من جسمه في الحوض، وسارع أرشميدس لإحضار كتلتين من الذهب الخالص والأخرى من الفضة النقية وجعل وزن كل منهما مساوياً لوزن التاج المشكوك في أمره.. ثم قام بغمر كل من هذه الكتل الثلاث (الذهب والفضة والتاج) في إناء مملوء بالماء،

وأخذ الماء المزاح وقاس حجمه في كل حالة من الحالات الثلاث. وبإجراء هذه التجربة اكتشف أرشميدس أن كمية الماء التي أزاحها التاج كانت أكبر من تلك الكمية التي أزاحتها كتلة الذهب الخالص، وأقل من كمية الماء التي أزاحتها قطعة الفضة. وبهذه الطريقة خلص أرشميدس إلى أن التاج لم يكن مصنوعاً من الذهب الخالص ولا من الفضة النقية ولكنه كان خليطاً من المعدنيين.

وهكذا انفضح أمر الصائغ الغشاش..

ولا تخبرنا كتب التاريخ عما حل به من عقاب،

ولكنها تحدثنا كثيراً عن عبقرية أرشميدس التي تجلت في جوانب عدة من بينها إرساء هذا المبدأ العلمي الهام.