جرح فلسطين الغائر
بقلم: عمر الشريف
تحل اليوم الذكرى 74 لنكبة فلسطين، وتهز فينا بكل قوة مشاعر الحب والحنين لأرض فلسطين التي باركها الله تعالى للعالمين، والتي نالت شرف احتضان بيت المقدس الذي يُعد أول قبلة للصلاة لرب الأرض والسماء، فالقدس هي معراج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومرقاه إلى السماوات العلا، وهي قبلة الأنبياء الأولى وإليها صلَّى المسلمون الأوائل سبعة عشر شهراً قبل أن تتحول القبلة إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة.
أربعة وسبعون عاماً مضت على النكبة الفلسطينية، نكبة ضاع فيها وطن وتشرد فيها شعب ضمن أصقاع الأرض، نكبة أعقبتها نكبات ونكسات وهزائم جعلت أبواب جهنم تنفتح على الشعب الفلسطيني بشتى أصناف التهجير والحرمان من أبسط حقوق الإنسان في العيش الكريم في هذه الحياة.
فنكبة فلسطين هي نكبة للعرب وللمسلمين، ونكبة للإنسانية كونها حرمت شعباً آمناً من العيش في وطنه كبقية شعوب الأرض، واستوطنت بدلاً عنه شراذم أمم جمعوها من كل حدب وصوب، لتشكل كياناً يكون كخنجر مسموم يحرك ألماً دائماً وجرحاً نازفاً على مر السنوات والأيام.
ومن وقتها يعيش هذا الشعب المقهور حلم العودة والرجوع إلى ذلك الفردوس المفقود الذي سُلب منه على مرأى العالم أجمع، فالعالم الغربي الذي يدَّعي ويتظاهر الحضارة والإنسانية إنما رفعها شعارات وكلمات لتكون حجاباً ساتراً على جرائمه بحق الشعوب الأخرى التي يجب أن تكون مقيدة بسلاسل مصالحه والهيمنة في المنطقة لا أكثر، والعالم الإسلامي غارق في انشقاقات وخلافات داخلية استنزفت منه أي جهد يمكن أن يثمر في حل قضية غير واضح فيها سوي الحق وضوح الشمس، ووصلت مرحلة الاستنزاف فيه لتصير بعد ذلك عجزاً مزمناً عن حل أي قضية متراكمة من قضايا العرب والمسلمين .
وعلى الرغم من كل ذلك فإن أضعف الإيمان أن نحيي فلسطين في نفوسنا وطناً نعشقه ونحلم بالعودة إليه، وأن نحدث أولادنا بأن لهم حق مسلوب مغتصب يجب استرجاعه مهما طال الزمن، فأنا أؤمن بالعودة والتحرير ولو بعد حين ولكن ذلك مشروط بأن نعالج نكبات أنفسنا وحينها ستزول نكبات أوطاننا بكل تأكيد.
وأخيراً ندعو الله أن ينصر إخواننا المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها.