التصوف مادة ثرية في التراث الاسلامي،
بقلمي د. كمال الدين النعناعي
ليس من السهل أن نعالج موضوع التصوف من حيث تقييد أنفسنا ببيئة معينة، نظرا لانتشار أتباع الجماعة الصوفية الواحدة في كثير من البيئات التي قد تختلف في عاداتها
وتقاليدها أو تراثها الحضاري في مجال ا خر
الي جانب أننا نجد أنفسنا أمام عدة فروع لجماعات صوفية وقد توزعت مراكزها في واحدة من بقاع العالم الاسلامي.
علي كل يكثر الخلاف بوجه عام بين الباحثين المحدثين منهم والقدامي حول نشٱة التصوف من جهة،
وحول صبغته من جهة أخري فمنهم من يرجع نشٱة التصوف الي العراق ومنهم من يرجع نشأته الي مصر،
لكننا نجد في المصادر ما يرد نشأة التصوف
الاسلامي الي الجزيرة العربية وذلك لوجود أنماط من الزهد عرفت في الجزيرة العربية قبل البعثة المحمدية؟..
وهناك شواهد سجلت حول الكعبة
منها رواية ابن الجوزي التي تشير الي رجل يمني أزدي
سمي بصوفة،
وأخبار مكة التي جمعت روايات من بينها خبر
عن رجل صوفي كان يجيئ من بلد بعيد فيطوف بالبيت ( الكعبة) ثم ينصرف..،
بالاضافة الي روايات القدامى التي تشير الي بطن من بطون العرب، عرف بصوفة،
وهؤلاء
تولوا أمور مناسك الحج لفترة من الزمن،
واذا أخذنا في الاعتبار أيضا رواية الطوسي
التي تقول بأن الحسن البصري قابل صوفيا في الطواف ….؟
علي هذا يكون الظهور الأول لنمط التصوف بشكله الاسلامي كان في الجزيرة العربية. ….
وحسب التسلسل الزمني التنازلي لظهورها التاريخي، تكون قد ظهرت في البلاد المصرية
بعد دخول الاسلام بقرنين...
ومسألة المؤثرات الاجنبية تحتاج الي بيان؟
فنحن نعرف ان العرب كانوا علي أتصال بغيرهم
من الشعوب،
فقد قام الغساسنة والمناذرة علي سبيل المثال
بهذا الدور..
وكان العرب يعرفون أخبار الشعوب الآخري،
وأحوال أهل الكتب السماوية.
عن طريق التجارة خاصة مكة،
فمن سكن الحيرة فقد علم أخبار الفرس وملوك اليمن،
ومن سكن او ذهب الي الشام فقد تعرف علي
أحوال الروم وبني أسرائيل..
علاوة علي أخبار السند والهند التي تفد الي منطقة البحرين وعمان…
اما بخصوص أختلاط علوم الاوائل والاسلام
فقد أهتم بها المسلمون في عصر الدولة العباسية اذ تولي الخليفة أبو جعفر المنصور
وكان محبا للفلسفة، مطلعا في بحوث النجوم
وانتقل هذا الاهتمام حتي الخليفة السابع
المأمون بن الرشيد فتعامل مع ملوك الروم
وطلب ان يوافوه بما لديهم من كتب الفلاسفة
كافلاطون وارسطو وغيره..
فترجمها الناس
مابعده،
ولقد غدا التصوف في رأينا، تيارا قوميا،
اذ كان للطريقة الواحدة عدد من ألٱتباع
يتولون
نشرها في احدي الدول الاسلامية،
فلم تكن المؤثرات ا و الاضافات الأجنبية تمس أساسيات العقيدة،
والا لما أمكن لنا أن نبحث في موضوع التصوف بمعناه الاسلامي
وكل ما في المسألة هو اضافة موضوعات للفكرة الأساسية بحيث يكون المضاف متصلا
بأصول العقيدة في الدرجة الأولي وليس من
فائض العقائد الأخري،
فلو كانت اضافات
من فائض العقائد الأخري لما جاز لنا ان نلحق
بالتصوف موضوع الدراسة.
الصفة الاسلامية
والي جانب هذا، فإن نقل أقوال أئمة
التصوف كفكر متميز الي آخر يضاهي لا يعني
بالفعل نقل جزء من الفكرة المنقولة الي فكرة أخري
لأ ن اللغة وسيلة للتعبير يمكن أستخدامها
بشكل جزئي
كأن يستخدم أحدنا شطرا من قصيدة شعر في نظم قصيدة تستهدف غرضا اخر مغايرا لموضوع القصيدة الآولي
فهل يعني
هذا بالضرورة نقل جزء الي العمل الآخير؟
فالاضافة الٱجنبية،
ليست في رأينا سوي
صورة تعبيرية تفتح موضوعات جديدة،
ومن ثم تؤدي الي نمو الفكرة الأساسية،
وطرقها لأبواب جديدة من المعرفة في أطار العقيدة التي تمثلها
ولهذا لا نوافق
المستشرق جوستاف جرونيباوم في كون
المؤثرات الأجنبية كانت محتلة بالطابع الاسلامي
كما ورد في كتابه حضارة الاسلام…..
مابعده ،
ذلك أن أصول، الطريق، الذي قامت عليه المدارس تقوم علي،، الكتاب و السنة،، .
وهم اذ كانوا يبدأون دروسهم بحديث نبوي
فأولي أذن أن تكون،، السنة،، عناوين مجمل نظريات طرحتها المدارس الصوفية كموضوعات للبحث من خلال طابع كل أقليم،
فلو كانت هذه العلوم تؤثر علي سلامة أصول
العقيدة لوجدنا في المصادر التاريخية حركات معارضة من جانب علماء الشريعة من أجل التحكم في مسار الثقافة العامة للمجتمع،
ولكن الأمر لا يتعدى مناظرات مثلما جري مع
الشيوخ،، البدوي،، و،، الشاذلي،، بغرض أستبيان
كفاءة الرأي..
ويعزز رأينا هذا أن التصوف لم يكن أقليميا
بالمرة من حيث نسبته مؤثرات بيئية.
ذلك ان الجماعة كانت تتخذ لنفسها مراكز
في بيئات متعددة…
أما ثقافة الاقليم ذاته، فهي تضاف الي فكر
مؤسس الجماعة نفسه
وليس الي التصوف كتيار عام قومي،
والا كانت الاضافات الاقليمية تنساب الي التيار
الصوفي العام،
فتؤثر عليه
ليصبح تصوفا مصريا شاميا عراقيا فارسيا. .. وهكذا































































