رمضان بالمصري “حكاية فانوس رمضان ”
بقلم سمير احمد القط
ما ان يهل شهر شعبان من كل عام هجرى بمصر الا وتبدأ معه مظاهر الاستعداد بشهر رمضان المبارك فى مصر والعالم ومع تباين واختلاف تلك المظاهر بين قطر واخر تبقى مصر دائمة فى الريادة بما تحملة من عبق المكان واريج الزمان ومايتميز به شعبها من اريحية وزخر واستقلال بصفات وطقوس استمدها عبر تاريخة القبطى والفرعونى والاسلامى وما اختواه من فكر بات من عاداته وتقاليده التى توارثها جيلا بعد آخر ومن بين تلك المظاهر الرمضانية التى يتبارى الصناع فى تصميمها وصناعتها بلمساتهم المصرية المميزة فانوس رمضان الذى يعتبر من أهم وأشهر رموز شهر رمضان الكريم فى مصر ، وهو جزء لا يتجزأ من زينة ومظاهر الاحتفال بقدوم الشهر المبارك، ويعود أصل الفانوس وبداية استخدامه الى عدة روايات وحكايات منها
انه عند قدوم الخليفة الفاطمي إلى القاهرة قادما من الغرب وكان ذلك في اليوم الخامس من شهر رمضان لعام 358 هجرية، خرج المصريون في مواكب من رجال ونساء وأطفال حاملين الفوانيس الملونة لاستقباله ومرددين بعض الأغاني التي تعبر عن فرحتهم بقدوم شهر رمضان وهو الذى لايزال يحدث حتى يومنا هذا مع اختلاف بسيط حيث يجول الاطفال بالشوارع والحوارى واروقة القاهرة وفى الاحياء والمدن والقرى بنفس الشكل ويتعاطف معهم بعض الاهالى بتوزيع الهدايا والنقود عليهم فرحاً وابتهاجاً بهم وبهذا الشهر الفضيل وبهذا تأصلت عادة الفانوس وأصبحت رمزا رمضانيا، ثم انتقلت هذه العادة من مصر إلى معظم الدول العربية وبذلك أصبح فانوس رمضان جزءا أصيلا من تقاليد شهر رمضان
اما الرواية الأخرى فهي تشير الى أن أحد الخلفاء الفاطميين أراد أن يجعل كل شوارع القاهرة مضيئة طوال ليالي رمضان فأمر شيوخ المساجد بتعليق فوانيس على كل مسجد وتتم إضاءتها بالشموع وهناك رواية ثالثه تشير أيضا بأنه لم يكن يسمح للنساء بالخروج سوى في شهر رمضان فكن يخرجن ويتقدم كل امرأة غلام يحمل فانوس لينبه الرجال بوجود سيدة في الطريق حتى يبتعدوا مما يتيح للمرأة الاستمتاع بالخروج دون رؤية الرجال لها وحتى بعدما أتيح للمرأة فيما بعد الخروج فقد ظلت هذه العادة متأصلة بالأطفال حيث كانوا يحملون الفوانيس ويطوفون ويغنون بها في الشوارع ، وسواء كانت أي روايه هي الصحيحة فسوف يظل الفانوس عادة رمضانية رائعة تجلب السرور والبهجة على الأطفال والكبار وتحتفي بقدوم شهر رمضان المبارك خصوصا لدينا في مصر وهي عادة تنتقل من جيل لآخر للكبار والصغار على حد سواء ! حيث يلهو الأطفال ويلعبون بالفوانيس الصغيرة بينما يقوم الكبار بتعليق الفوانيس الكبيرة منها على المنازل والمحلات كإشارة ودلاله على حلول الشهر
وقد تطورت صناعة الفانوس على مر العصور من حيث الشكل واللون والتركيب، حيث كان له شكل المصباح في البداية وتتم صناعته من الزجاج ورقائق الصفيح وكانت تتم إنارته بالشموع ثم أصبح يضاء باللمبات الصغيرة ثم بدأ يتطور حتى أخذ الشكل التقليدي المعروف لنا جميعا وبعد ذلك أصبح الفانوس يأخذ أشكالا تحاكي مجريات الأحداث والشخصيات الكرتونية المختلفة المشهورة في الوقت الحاضرمع ادخال بعض التقنيات الحديثة للصوت والضوء فأصبح يضيء ويتحرك ويغني الأغاني المرتبطة بشهر رمضان ومن المؤكد أن فانوس رمضان دائما ما يكون مصدر بهجة للكبار والصغار ويسبب حالة من الفرح والسعادة لنا جميعا في استقبال شهر رمضان وانتشرت ظاهرة الفانوس المصرية في معظم الدول العربية, وأصبح جزءا من تقاليد شهر رمضان المبارك الذي يعد موسم رواج صناعة الفانوس التي تزدهر في القاهرة في مناطق تحت الربع والغورية وبركة الفيل، بل وانتشرت صناعته فى ربوع مصر وهناك العديد من المسميات التي اشتهر بها الفانوس مثل “فاروق ” والذي يحمل اسم ملك مصر السابق وقد صمم خصيصا لاحتفال القصر الملكي بيوم ميلاده, وتم يومها شراء ما يزيد علي500 فانوس لتزيين القصر الملكي،ومن أسمائه أيضا “البرلمان ” نسبة الي فانوس مشابه كان معلقا في قاعة البرلمان المصري في الثلاثينيات من القرن الماضي وبدلوا شكله التقليدي بأشكال أخري غير الفانوس لكنها تباع تحت مسمي الفانوس ، وفى تلك الايام ظهر منافس جديد لصناعة الفانوس حيث دخل ورش النجارة الى تلك الصناعة بعد صدور قرار بعدم استيراده من الخارج حفاظاً على الصناعة من الاندثار والانقراض فتبارت تلك المصانع والورش فلا صناعته من الاخشاب الملونه بطريقة ” الاركيت” وباسعار فى متناول الجميع وعلي الرغم من كل ذلك يظل الفانوس اليدوي المصنع بخاماته الاولى في مصر يحمل ملامح وخامات البيئة محافظا علي قيمته التراثية الخالدة والى لقاء آخر واقصوصة رمضانية من مصر.
