فقراء.. ولكن
فاطمة عبد العزيز محمد
للفقر آثارُه السلبيَّةُ على المُجتمع بما يُثيرُ في النفوس من مشاعر الحِقدِ والبغضاء.
وقد يحمِلُ الفقيرُ فاقد الأمل في المستقبل النقمة على المجتمع، خاصة في حال غِيابِ الإيمان أو ضعفه.
يعد الفقر من الأسباب الرئيسية التي تقِفُ وراءَ الرذيلة، وضياع الشرف، الفاحشة، السرقة، الرشوة، وأكل أموال الناس بالباطل، وارتفاع معدلات الجريمة والخُصومات الأسرية، بل القتل.
وقد يكونُ الفقرُ هو الخيرَ للعبد، فقال الله تعالى: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) [الشورى: 27]؛ أي: لشُغِلوا عن طاعته، وحملَهم ذلك على البغي والطُّغيان والتجبُّر على الخلق، قال الله تعالى: (وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ).
وإذا ابتُلِي العبدُ بالفقر فإن الصبرَ أجلُّ عبادةٍ في هذا المقام، فلا يضيق صدرُه، ولا يتنكَّد في حياته، فقد كانت معيشةَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجُلِّ أصحابه كانت كفافًا، ومتاعُ الدنيا القليل الزائِل لا يستحقُّ الأسَى والحُزن على فواتِها، وحتى تهدأَ النفسُ وتعرفَ قدرَ نعمة الله تعالى عليها، وتُؤدِّيَ شُكرَ الله جاء التوجيهُ النبويُّ في قول رسولِنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: “إذا نظر أحدُكم إلى من فُضِّل عليه في المال والخلق فلينظُر إلى من هو أسفلَ منه ممن فُضِّلَ عليه”. وزاد مسلمٌ في روايته: “فهو أجدرُ ألا تزدرُوا نعمة الله عليكم”.
فلقد دعا الإسلامُ الفقراء خاصَّةً -كما دعا الأغنياء- إلى أن يُربُّوا أنفسَهم على غِنى النفس، بكبحِ جِماحها، وتهذيبِها لتصِل إلى القناعة والرِّضا بما قسَمَ الله ولو كان يسيرًا، وأنه لا يكون كارِهًا فعل الله تعالى من حيث إنه فعلُه وإن كان كارِهًا للفقر، وقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: “وارضَ بما قسَمَ الله لك تكُن أغنَى الناس“.































































