لا ترضي الناس
فاطمة عبد العزيز محمد
لقد أخبرنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- عن أعمال وأقوال تغضب الله -عز وجل- وتسخطه
وحذرنا من الوقوع فيها، فمتى ما حل على العبد غضب الله فقد هوى، قال تعالى: (وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى)[طـه: 81].
فمن أسباب غضب الله -تعالى- على العبد أن يرضي الناس ولو بسخط الله، خوفا من كلامهم
أو مجاملة لهم، أو
طمعا فيما عندهم،
ولقد ورد الوعيد الشديد لمن أرضى الناس بسخط الله،
فقد روت عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
“مَنِ الْتَمسَ رِضى اللَهِ بِسَخَطِ النَّاسِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ، سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ”
(رواه ابن حبان)، والسخط هو الغضب الشديد المقتضي للعقوبة.
إن الكثير من الناس اليوم ليشقى طوال حياته، فتراه يبذل أقصى جهده من أجل أن يرضي فلانا أو علانا من الناس،
وربما ارتكب من أجل ذلك الكثير من المعاصي، وربما تلاعب بالقيم، وزور الحقائق،
وباع دينه وأمانته وأخلاقه، ليصل إلى هذا المطلوب، والله -سبحانه وتعالى- لم يأمر بذلك بل أمر بنقيض ذلك، فقال:
(وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ)[التوبة: 62].
فترى الموظف يرى المخالفات ترتكب أمامه، ويسكت عنها إرضاءً لمديره،
وقد تجد من يشهد الزور من أجل أصحابه وجماعته،
وتجد من يعق أمه وأباه إرضاءً لزوجته، وتجد المرأة ترضي زوجها ولو خالفت شرع ربها،
وقد يكون أحدنا في مجلس، فيسمع الغيبة والنميمة، فلا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر، إرضاءً لمن في ذلك المجلس ومجاملة،
وحتى لا يعكر عليهم متعة الحديث،
فهذا أرضى الناس بسخط الله، وترى بعض الناس قد يحلق لحيته ويطيل ثوبه ويقع في العديد من المحاذير
ويقدم تنازلات عديدة تغضب الله -عز وجل-، فلا يظهر بالمظهر الإسلامي الصحيح،
خوفا من انتقاد الناس وطلبا لرضاهم، ولو بسخط الله،
وترى بعض التجار تنصحه ألا يبيع بعض السلع المحرمة، فيرفض بحجة إرضاء زبائنه،
وترى البعض يسرف ويبذر في ولائم الأعراس، إرضاءً للناس أو خوفا من انتقادهم، وليس خوفا من عاقبة نهي الله -تعالى-
عن التبذير، فظاهرة الخوف من كلام الناس وانتقادهم، أصبحت تتضخم عند الناس حتى أصبح البعض منهم يخاف من كلامهم ويحاول إرضاءهم ولو بسخط الله عز وجل.
إن إرضاء الناس غاية لا تدرك، وليكن همك الأول والأخير هو إرضاء الله سبحانه وتعالى، قال صلى الله عليه وسلم:
“من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس”
رواه الترمذييقول تعالى: (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ)[التوبة: 13].


































































