من أين يبدأ الإرهاب
بقلم: عمر الشريف
صورة طفل مشرد مُثقل بحمل أكياس جمع القمامة يراقب من بعيد أطفالاً يلعبون، ثم تُعنون هذه الصورة المخزية بحقنا جميعنا بعنوان “من هنا يبدأ الإرهاب”.
وكأن من وضع هذا العنوان قصد أن يقول إن الأطفال المشردين بشكل أو بآخر هم مشاريع مستقبلية لأشخاص متطرفين، سيكونون عبئاً على المجتمع والدولة من كثرة مشاكلهم وتطاول أذاهم، مما يجعلهم خطراً حقيقياً، يرهبون من حولهم بأفكارهم وسلوكهم، ولا يلتزمون بأي تشريع أو قانون، ولا يحترمون دستوراً ولا يعترفون بدولة.
فتشرد الأطفال هو بيئة مناسبة لترعرع الإرهاب، لأن الطفل المشرد هو اللقمة السائغة لأصحاب التفكير الباطل، فالإرهاب يعطي لهذا الطفل ما يحتاجه من سطوة ومال، ويعوضه عما افتقده في حياة التشرد والحرمان.
غير أن ظاهرة تشرد الأطفال ما هي إلا نتيجة يكون من ورائها سبب أحدثها ومقدمة ولدتها، فالتشرد عندما يصبح ظاهرة اجتماعية لا تعالج بالطرق الواعية الجادة، فالحقيقة تقول أن الطفل المتشرد الذي أصبح إرهابياً ما هو إلا ضحية مظلومة لسياسات أصحاب القرار الذين تركوه بين فكي الجهل والتخلف ولم يبالوا بآلامه، ولم يضعوا الحلول الناجحة للحد من هذه الظاهرة المخزية في أي مجتمع كان.
فلو أن البعض يعي تماماً كيف ينشأ الإرهاب منذ البداية لوفرنا على أنفسنا الكثير من كلفة محاربة الإرهاب الباهظة، فكل طفل مشرد يترك بدون رعاية اجتماعية هو خسارة في رصيد المجتمع، ولكنه ربح في رصيد الجهل والتطرف.
فدعونا لا نخلط بين السبب والنتيجة، ولنميز مسببات المرض عن عوارضه، حتى نعالج مشاكلنا المتراكمة بموضوعية، ونجيب عن سؤالنا: من أين يبدأ الإرهاب؟


































































