تغيير معادلة توازن القوى بالشرق الأوسط
بقلم عميد اح دكتور / تامر مكاوي
الحكومة الصهيونية ، قررت تنفيذ مخططها الأكبر لتحقيق الحلم التوراتي بمباركة ترامب وبيد من حديد رغما عن أنف الدول العربية وهو مشروع «ممر داود» من النهر «الفرات» إلى البحر المتوسط مارا بدرعا والسويداء، والرقة، ودير الزور، والبو كمال، والتنف، وحتى الجولان.
الممر، يربط إسرائيل بالفرات، ويطوق الحدود العراقية، و يُعد منفذا بريا لإسرائيل، يحقق حلمها فى خنق مصر اقتصاديا و يوقف قناة السويس ، بجانب أهميته كطريق تجارى، يزيد من الحركة التجارية، وتقام فيه
مشروعات للطاقةو السياحة ، ويعزز من قوة إسرائيل العسكرية، ويوسع من نفوذها الإقليمى لتغير ميزان القوى فى الشرق الأوسط وتنفرد بالهيمنه الاقتصادية والعسكرية ، وتشكل ضغطا كبيرا على منطقة الخليج و العراق ثم تركيا، فتركيا التى ترى نفسها احدى أطراف توازن القوى فى منطقة الشرق الأوسط فى ظل تنافسها الشرس مع غريمتها إيران ، والتى تعتقد أنها (تركيا)
بعيدة عن مرمى الاطماع الصهيونية فى تغيير ميزان القوى بالمنطقة ، فإن ممر داود سيهدد أمنها القومى، ويؤثر بشكل مباشر على الأمن القومى العراقى!
ويمر مخطط «ممر داود» فى سوريا، من خلال عدة ارهاصات ، والذى بداء تنفيذه ، استغلالا لحالة الا دولة وانهيار مؤسسات الدولة (الجيش- الشرطة الحكومة – ……) فى سوريا حاليا:
اولا : و من خلال القناة ١٢ الاسرائلية فى أغسطس المنصرم ، أعلن دونالد ترامب – الذى كان مرشحا على مقعد الرئاسة الأمريكية حينها بتصريح خطير، قال فيه: «إن مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخارطة، ولطالما فكّرتُ كيف يمكن توسيعها».
كما ذكرت قناة «كان» الإسرائيلية أن ترامب أسدى وعدا بأنه سيقدم لإسرائيل الدعم الذى تحتاجه للانتصار، وقال: «لكننى أريدهم أن ينتصروا بسرعة» ، فخلال ولايتة السابقة قام بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس معترفا بأنها عاصمة إسرائيل .
ثانيا : فوجئنا فى سبتمبر الماضى إبان تصريح ترامب ، برئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتانياهو، فى الأمم المتحدة واقفا وممسكا بخريطتين، لوّن إحداهما بالأخضر وسمَّاها «الخريطة المباركة»، وقد وصفها بأنها خريطة تربط الشرق بأوروبا بشكل يعِد بالازدهار والسلام، وخريطة أخرى لوّنها بالأسود وسمَّاها «الخريطة الملعونة» والتى ضمَّت إيران، والعراق، وسوريا، ولبنان وأجزاء من اليمن.
وشملت الخريطتين مشروع «ممر داود» فى الجنوب السورى، والذى يحقق النبوءة التوراتية، «الدولة اليهودية الكبرى»، إرضاء لطموحاتها التوسعية فى تشريع الحرب والقتل، باعتبارهما جزءا من مخطط «إلهى» لإعطاء شرعية لأعمالها التوسعية، وهو ما يعكس توظيف الدين كأداة لتبرير سياسات الاحتلال والعدوان.
وفى ظل سقوط النظام فى سوريا، وجدت حكومة نتانياهو، فرصة ذهبية لتنفيذ مشروعهم !
ثالثا : الصحافة التركية تحدثت منذ شهور، عن نوايا إسرائيل لتنفيذ الممر، و قبل المواجهه بين إسرائيل وطهران، وقبل اجتياح إسرائيل لجنوب لبنان، ثم تحرك الميليشيات المسلحة فى سوريا، وتشديد قبضتهم عليها ، وسط صمت عربي متمثل فى رؤس الأنظمة العربية الحاكمة .
رابعا : عقب إعلان الميليشيات عن عملية «ردع العدوان» فى سوريا، والتى أدت إلى إسقاط البلاد فى قبضتها، حتى فوجئ الجميع بإعلان إسرائيل انسحابها من اتفاقية (فض الاشتباك) الموقعة مع الحكومة السورية عام 1974، وقيام الجيش الإسرائيلي بالتوغل فى المنطقة والسيطرة على جبل «الشيخ» وهو الهدف الحيوي الاستراتيجى.
و نفذت «480» غارة جوية – وفق تصريحات إسرائيلية رسمية – أسفرت عن تدمير سلاح الجو السورى بالكامل، من طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية وطائرات مُسيّرة ، ودشم الطائرات ، و المطارات العسكرية ، والرادارات، ومنصات ومخازن صواريخ الدفاع الجوى بكل أنواعها. بل طال التدمير سفن الأسطول البحرى، والقضاء على السلاح البحري بالكامل ، والقواعد العسكرية ومراكز البحوث العلمية، ومواقع الصناعات العسكرية، ومخازن الأسلحة والذخيرة والمستودعات الإدارية ، ونجحت فى أربعة أيام فقط فى تحقيق ما عجزت عن تحقيقة خلال ال٥٠ عام السابقة بتدمير الجيش السوري ، و اصبحت سوريا بدون درعا وسيفا ، لتتمكن إسرائيل من تنفيذ مشروعها التوسعي سريعا!
خامسا : كثفت إسرائيل من ضرباتها على منطقة السويداء، وهو ما يعد تمهيدا نيرانيا لطرد كل العناصر المعارضة فى المنطقة، ومن ثم تدشين مشروع ممر داود، كون السويداء جزءا مهما من الممر!
الارهاصات الخمسة التى تبرز ملامح مخطط إسرائيل لتنفيذ مشروع «ممر داود» هى ناقوس خطر، وأن تفكيك سوريا ليس شأنا داخليا، وإنما هو مخطط صهيوني ، خطط لة منذ الحرب التى شهدتها منطقة الشرق الأوسط فى أكتوبر 2023 والعدوان السافر على غزة .
سادسا : تخلي إيران وروسيا عن دعم النظام السورى الحليف الاول لهم بالمنطقة وذلك فى ظل إبرام صفقات واتفاقيات لمصالح امنهم القومي أعطى الضوء الأخضر للكيان الصهيوني بتدمير الجيش السورى و التوغل واستباحة الأراضى السورية .
نشاهد أن الأحداث المتسارعة فى منطقة الشرق الأوسط تتجهه لتغيير ميزان القوى بالمنطقة لصالح الكيان الصهيوني فى ظل دعم ومباركة ترامب لمشروعها الصهيوني و سقوط سوريا و حزب الله و مقايضة إيران و إبرام الصفقات الروسية الأمريكية ، لذلك يستوجب على الشعوب العربية الالتفاف حول أنظمتها ومؤسساتها وتتيقن من أن المخطط كبير وخطير، وأن الجميع فى مرمى النيران.