وهم الانتصار.. كذبة واشنطن وتل أبيب الكبرى!
نبيل أبوالياسين
بين دويّ انفجارات غزة وصمت العالم، ترسم واشنطن وتل أبيب صورة “انتصار” زائف، محاولةً تلميع هزيمةٍ مدوّية وتجاهل حقائق دامية، فبينما يُروّج لـ”وقف إطلاق نار” مع إيران كإنجاز عظيم، تتكشف الأكاذيب وتتضح الخسائر الحقيقية التي لحقت بالكيان الصهيوني، ليعيد التاريخ نفسه ويُثبت أن لغة القوة والعنجهية لا تُجدي نفعًا أمام إرادة الشعوب الصامدة، وهذا المقال ليس مجرد تحليل، بل صرخةٌ تكشف القناع عن وجوه النفاق والوهم.
وهم التفوق الإسرائيلي ينهار
ما قاله الكولونيل المتقاعد دوغلاس ماكغريغور ليس مجرد تحليل، بل هو قنبلة تُفجّر وهم التفوق الإسرائيلي، وتقديراته بأن ثلث تل أبيب قد دُمّر، وأن الطائرات الحربية الإسرائيلية تم نقلها إلى قبرص لتجنب التدمير، تُشكل صدمة للرواية الرسمية، وهذه الحقائق تُظهر أن إسرائيل لم تكن مستعدة للرد الإيراني، وأن ما حدث لم يكن مجرد “اشتباك” عابر، بل ضربة قوية كشفت مدى هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ووضعتها في موقف أسوأ بكثير مما يحاول الإعلام الرسمي تصويره.
أكاذيب نووية واهية
تأتي التقارير الاستخباراتية الأمريكية لتؤكد أن الضربات العسكرية على المنشآت النووية الإيرانية لم تُدمر المكونات الأساسية للبرنامج، بل أعادت العمل به لبضعة أشهر فقط، وهذا يُدحض الادعاءات الإسرائيلية والأمريكية المتكررة بشأن “القضاء” على التهديد النووي الإيراني، وإنها محاولة مكشوفة لتصوير انتصار وهمي في معركة لم تحقق أهدافها الحقيقية، وإيران، بتأكيداتها الرسمية حول نقل اليورانيوم المخصب لمكان آمن، تُثبت أنها تملك زمام المبادرة وتفضح هذه الأكاذيب الواهية.
دول الخليج: فاتورة باهظة
في هذه الجولة من الصراع، كانت دول الخليج هي الخاسر الأكبر، لقد أدركت هذه الدول أن رهانها على “البلطجي العالمي وربيبته” لم يخلصها من “جارتها الفتوة”، بل وضعها في موقف “ملطشة للمتحاربين”، فبدلًا من تحقيق الأمن، أصبحت هذه الدول تدفع الجزية للأطراف الثلاثة، مما يُظهر فشل سياسات الاعتماد على القوى الخارجية دون بناء قدرات ذاتية حقيقية، إنها صحوة متأخرة تكشف أن الاستقرار لا يُشترى بالولاء الأعمى.
إيران: كبرياء الصمود
تستحق إيران، شعبًا وجيشًا وقيادةً، كل الاحترام والإكبار، لقد صمدت وضحّت وتحمّلت، وألقت في قلوب الصهاينة الرعب، واستبسلت دفاعًا عن استقلالها وحقوقها الوطنية، وقارعت الاستكبار الأمريكي ندًا لند، وكسرت إرادة الكيان العدواني ولم تنكسر، وخرجت من هذه الجولة مثخنة بجراح الشرفاء، متوجةً بالكرامة والكبرياء، تحية خاصة لمعارضي السلطة الذين توحدوا معها ضد العدوان، وأثبتوا جدارتهم بالانتماء لشعب عريق يستحق النصر والفخر.
نهاية حتمية لوقف النار
السؤال المطروح بقوة هو: هل سيصمد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل؟ الجواب الذي لا لبس فيه هو لا، لن يصمد طويلاً، نتنياهو يدرك جيدًا أنه خسر هذه الجولة، والتصريحات المتلاحقة من الداخل الإسرائيلي والأمريكي التي تتحدث عن “إستجداء” نتنياهو من ترامب، بالإتصال بعض الدول العربية للوساطة مع إيران، كلها تؤكد هذا الإدراك، والوضع السياسي لنتنياهو وحكومته أصبح على المحك أكثر من أي وقت مضى، ومع عدم وجود تأكيدات أمريكية إسرائيلية بالقضاء على المفاعلات النووية الإيرانية، فإن نتنياهو سيستخدم ذلك ذريعة لخرق الهدنة، وستصبح إيران أمام المجتمع الدولي ذات حق كامل في الدفاع عن نفسها، لتكون نهاية الكيان الصهيوني أقرب من أي شيء مضى.
خاتمًا: صرخة أخيرة لضمير العالم
هل سنشهد ذات الفزع والهرولة من جميع الدول التي اندفعت لوقف إطلاق النار بين إيران والاحتلال، وعلى رأسها أمريكا، بذات الحماسة لوقف الإبادة في غزة؟ أم أن القوة وحدها هي التي تفرض كلمتها في عالم ماتت فيه الإنسانية؟ إن استمرار الإبادة في غزة سيُبقي المنطقة في حالة عدم استقرار دائم، ويُشعل فتيل صراعات لا نهاية لها، هل حقًا أرواح الفلسطينيين لا تساوي شيئًا بجانب أرواح الإسرائيليين في موازين هذا العالم المقلوبة؟ لابد أن ينتفض الضمير العالمي قبل فوات الأوان، فصمت اليوم هو ثمن باهظ سيدفع غداً.