ما بين حب أولادك .. وحبك لنفسك”حديث”
بقلم المعالج النفسي
فاطمة الصغير
“كل شيء لأجل أولادي”
“سعادتي حين أراهم بخير، حتى وإن كنت لست كذلك”
“أنا أعيش من أجلهم فقط”…
عباراتٌ مألوفة ترددها كثير من الأمهات والآباء، وتنبع من مشاعر صادقة تحمل أسمى معاني الحُب والتضحية.
ولكن، هل يُمكن أن يتحول هذا الحُب إلى عبءٍ خفي؟
وهل نُدرك أحيانًا أن الانشغال المفرط بالآخرين، حتى وإن كانوا أبناءنا، قد يترك أنفسنا خالية من الاهتمام، والرعاية، والراحة؟
الاهتمام بالأبناء ورعايتهم مسؤولية عظيمة، لكنها لا تعني أبدًا أن يتوقف الإنسان عن العناية بذاته. فالنفس التي تُهمل، تُنهَك. والعطاء المستمر دون تجديد داخلي، يتحول مع الوقت إلى استنزاف، وربما إلى مشاعر غضب أو ضيق لا نجد لها تفسيرًا.
إن حبك لأولادك لا ينبغي أن يكون على حساب نفسك. بل إن حبك لهم يكتمل حين تحب نفسك أيضًا. حين تُعطيهم من فائض الراحة لا من قاع الإرهاق، ومن اتزان المشاعر لا من فوضى التعب. حين تكون نموذجًا لهم في التوازن لا في الإنكار، وفي العناية بالنفس لا في تهميشها.
قد يظن البعض أن حب النفس أنانية، ولكن الفرق بينهما كبير. فمحبة النفس تعني احترامها، صونها، تجديد طاقتها، والاعتراف باحتياجاتها. وكل هذا، يُعزز قدرتك على العطاء لا العكس.
خذ مساحة لك. حتى ولو دقائق يومية. مارس شيئًا تحبه، أو فقط استرخِ. تحدّث عن مشاعرك، واسمح لنفسك أن تكون موجودًا بوصفك إنسانًا، لا مجرد والد أو والدة.
فأنتَ لستَ آلة… وأنتِ لستِ مصدر طاقة لا ينضب.
واطمئن، حبك لنفسك لن يُنقص من حبك لهم. بل ربما يكون هو الدرس الأهم الذي تُعلّمه لهم دون كلمات.
دمتم بصحة نفسية جيدة.