أسلحة خفية… تهدد نسيج المجتمع المصري
كتبت: منى منصور السيد
القاهرة ٢أغسطس ٢٠٢٥
في زمن تُضاء فيه شاشات هواتفنا باستمرار وتتدفق المعلومات كالسيل الجارف تبرز ظاهرة خطيرة تهدد استقرار مجتمعاتنا ألا وهي الشائعات إنها ليست مجرد أحاديث عابرة بل هي قنابل موقوتة تُزرع في تربة خصبة من القلق والتوتر لتُطلق شرارات من الفتنة والانقسام أرى في الشائعات خطرا حقيقيا يمس النسيج الاجتماعي المصري من جذوره ويُهدد قيم التماسك والتراحم التي طالما تميز بها شعبنا.
تكمن خطورة الشائعات في قدرتها على التلاعب بالعواطف وتشويه الحقائق فعندما تنتشر شائعة ما فإنها لا تستهدف فردا بعينه بل تستهدف بث البلبلة والشك في نفوس أفراد المجتمع ككل وإذا ما تمكنت هذه الشائعات من تحقيق أهدافها فإنها تُؤدي إلى تآكل الثقة الاجتماعية تُعد الثقة الركيزة الأساسية لأي مجتمع سليم وعندما تنتشر الشائعات تُصبح الثقة بين الأفراد وبينهم وبين مؤسسات الدولة محل شك يُصبح كل فرد في حالة تأهب وقلق يُشكك في نوايا الآخرين وهذا يُضعف العلاقات الإنسانية ويُصيبها بالهشاشة خلق حالة من الانقسام والاستقطاب كثيرًا ما تُستغل الشائعات في تأجيج الصراعات بين فئات المجتمع المختلفة سواء كانت طبقية أو دينية أو فكرية تُبث الأكاذيب المُتعمدة لخلق حالة من العداء والكره وهذا يُؤدي في النهاية إلى انقسام المجتمع إلى فرق مُتحاربة يتقاتل أفرادها على أساس معلومات مغلوطة انتشار الأفكار السلبية واليأس غالبًا ما تحمل الشائعات في طياتها أخبارا سلبية ومُحبطة وعندما تتكرر هذه الأخبار تُسيطر على الحالة النفسية للأفراد وتُفقدهم الأمل في المستقبل وهذا يُؤثر سلبا على إنتاجية المجتمع وقدرته على التقدم والتطور تشويه سمعة الأفراد والمؤسسات تُعد الشائعات أداة فعّالة لتدمير سمعة الأفراد أو المؤسسات دون دليل تُطلق شائعات كاذبة عن فساد أو سوء سلوك فيُصبح الشخص أو المؤسسة محل شك ونقد لاذع حتى وإن كانت هذه الشائعات لا أساس لها من الصحة.
لمواجهة هذا الخطر لا بد من تضافر الجهود على المستويين الفردي والمجتمعي وإليكم بعض الحلول التي أراها ضرورية التحقق قبل النشر يجب على كل فرد أن يكون مسؤولا عما ينشره أو يُشاركه قبل أن تُعيد نشر أي خبر يجب أن تتأكد من مصدره وتتحقق من مصداقيته اسأل نفسك هل هذا الخبر منطقي هل مصدره موثوق تعزيز دور الإعلام المسؤول يجب على وسائل الإعلام أن تلتزم بأخلاقيات المهنة وأن تكون مصدرا موثوقا للمعلومات عليها أن تُكافح الشائعات بتوضيح الحقائق وتقديم الأخبار الموثوقة وأن تفتح قنوات للحوار البناء التعليم والتوعية يجب أن تُركز المناهج التعليمية والبرامج التوعوية على أهمية التفكير النقدي والتحقق من المعلومات يجب أن نُعلم أبناءنا كيف يُفرقون بين الحقيقة والزيف وكيف يُقاومون الانجراف وراء العواطف دعم الحوار المفتوح عندما تُثار شائعة ما لا يجب أن نُقابلها بالصمت بل يجب أن نُشجع على الحوار المفتوح والبناء وأن نُقدم الحقائق بشكل واضح وشفاف حتى لا نترك مجالا للشائعات لكي تنمو وتنتشر.
تُعد الشائعات مرضا اجتماعيا يُصيب المجتمعات بالضعف والوهن وحماية مجتمعنا منها مسؤولية جماعية تبدأ من وعي كل فرد بضرورة التحقق من المعلومات وتنتهي بجهود مؤسسية لتعزيز الثقة والتكاتف فلنُكافح هذا الخطر معا ولنُعزز قيم التراحم والتآزر حتى يظل نسيجنا الاجتماعي قويا ومُتماسكا.