إنتهت “الجنة” إلى مقبرة.
فهيم سيداروس
بتجربة الكون 25 – Universe 25.
ماهي هذه التجربة؟
هي رسالة واضحة:
المجتمعات – سواء كانت فئرانًا، أو بشرًا إذا عاشت بلا تحديات، بلا صعوبات، بلا كفاح… فإنها تتآكل من الداخل حتى تنهار.
ماذا لو جمعنا مجموعة من الفئران، ووضعناها في مكان يشبه الجنة؟
حيث يتوافر لها كل ما تحتاج إليه من طعام وشراب ومسكن، دون أعداء طبيعيين، ودون أي ضغوط نفسية، أو جسدية
هذه الفكرة خطرت لعالم الأحياء الأمريكي جون كالهيون، فبدأ عام 1970 بتنفيذ تجربته الشهيرة. صنع بيئة واسعة ومجهزة خصيصًا، تحتوي على طعام وماء وفيرين ومساحات للعيش، ثم وضع فيها أربع أزواج من الفئران (ذكرين وأنثتين)، لتبدأ حياتها في أجواء من الراحة الكاملة.
في البداية تكاثرت الفئران بسرعة مذهلة، وازداد عددها بشكل متواصل. لكن بعد مرور 315 يومًا تقريبًا، بدأ معدل التكاثر في الانخفاض بصورة ملحوظة. وعندما وصل عددها إلى نحو 600 فأر، ظهرت بينهم ملامح اجتماعية جديدة: تسلسل هرمي واضح، وانعزال لبعض الأفراد، وظهرت فئة أطلق عليها “البؤساء”.
بدأت الفئران الأكبر حجمًا تهاجم الأضعف منها، مما أدى إلى انهيار نفسي للذكور، بينما تخلّت بعض الإناث عن أدوارها في رعاية الصغار، بل وأصبحن يهاجمن صغار إناث أخريات بلا سبب. ومع مرور الوقت ارتفعت نسبة وفيات الصغار إلى 100%، وانخفض معدل الإنجاب حتى وصل إلى الصفر. كما ظهرت سلوكيات غريبة مثل المثلية الجنسية، والتوحش، وأكل لحوم بعضهم البعض رغم وفرة الطعام.
وبعد عامين من بداية التجربة وُلد آخر فأر، وفي عام 1973 ماتت جميع الفئران في تلك التجربة التي عُرفت باسم “الكون 25 – Universe 25”. والأغرب أن التجربة أُعيدت 25 مرة، وكانت النتيجة نفسها في كل مرة: انهيار كامل للمجتمع وانقراضه.
لقد أراد كالهيون أن يبرهن أن المجتمعات – سواء كانت فئرانًا أو بشرًا – إذا توفرت لها كل سبل الراحة بلا جهد ولا تحديات، فإنها ستسير حتمًا نحو الانهيار الداخلي.
اليوم يستشهد علماء الاجتماع بهذه التجربة لتفسير بعض الأزمات البشرية:
إرتفاع نسب الإكتئاب في المجتمعات المترفة.
ضعف الروابط الأسرية عند غياب الأدوار التقليدية.
إزدياد الإضطرابات السلوكية رغم توفر كل وسائل الراحة.
خلاصة التجربة:
الراحة المطلقة ليست جنة… بل طريق نحو الانهيار.
الحياة تحتاج تحديات، مسؤوليات، وصعوبات تحفظ توازن المجتمع.
هذا ما يحدث حالياً:
في الدول الفقيرة نسبة الزواجات، والتكاثر، والتوالد أفضل من الدول المتطورة مثل أوروبا والدول الغنية.
وبدأ يحدث هذا الصراع في مجتمعنا وبدأ ينكمش.
ف ظل الراحة ” الرفاهية ” بالبداية كانت سلوكياتهم جيدة، ومجتمعهم مثالى
لاحقاً الزحام، وبالتالى فقدان الأدوار، ومعنى التواجد لدى كثير منهم، و غياب النظام، و الإستقرار و تبعاتهم !
هو السبب ف إنهيار المنظومة