مؤتمر الدوحة وردود الأفعال العربية: مصر في قلب المعادلة مع إسرائيل
بقلم / عادل الطيب
لم يكن مؤتمر الدوحة الأخير مجرد اجتماع سياسي عابر، بل جاء ليعكس حالة الغليان في المنطقة العربية أمام السياسات الإسرائيلية المتصاعدة، ويؤكد أن القضية الفلسطينية ما زالت المحرك المركزي للأحداث الإقليمية، رغم محاولات بعض القوى الدولية دفعها إلى الهامش.
سياق تاريخي: صراع ممتد
منذ اغتصبت إسرائيل الأرض الفلسطينية عام 1948، شكّلت المواجهة العربية – الإسرائيلية بوصلة العلاقات الإقليمية. فقد كانت قمم عربية متتالية، بدءاً من الخرطوم 1967 وصولاً إلى بيروت 2002، محطات رئيسية في صياغة الموقف الجماعي تجاه الاحتلال. واليوم، يأتي مؤتمر الدوحة امتداداً لهذه السلسلة التاريخية، لكنه يختلف من حيث التوقيت؛ إذ يُعقد في ظل تصدع عربي داخلي، ومحاولات إسرائيلية فرض الأمر الواقع عبر الاستيطان والعدوان المستمر على غزة والضفة.
الموقف المصري: توازن بين التاريخ والدور الإقليمي
مصر، بما لها من ثقل تاريخي واستراتيجي، بدت في المؤتمر أكثر وضوحاً في رفض السياسات الإسرائيلية. فمنذ اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، حافظت القاهرة على خيط رفيع بين السلام الرسمي ورفض السياسات العدوانية الإسرائيلية. واليوم، ومع تزايد الغضب الشعبي العربي، أعادت مصر تأكيد أن أمن المنطقة لن يتحقق إلا بوقف الاعتداءات واحترام القرارات الدولية.
كما حذرت القاهرة من أن استمرار التصعيد سيؤدي إلى انفجار إقليمي واسع، وهو تحذير يعكس إدراكها بأن الصراع لم يعد فلسطينياً – إسرائيلياً فقط، بل صار يمس الأمن القومي العربي ككل.
المواقف العربية: بين الغضب والخيارات السياسية
تنوعت المواقف العربية داخل المؤتمر بين من دعا إلى إعادة النظر في مسارات التطبيع، ومن طالب بتفعيل المقاطعة الاقتصادية والسياسية، وبين من ركّز على ضرورة توحيد الصف الفلسطيني لمواجهة الاحتلال. هذه التباينات لم تحجب حقيقة أن ثمة غضباً عربياً متصاعداً ضد إسرائيل، وأن الرأي العام بات يضغط بقوة على الحكومات لاتخاذ مواقف أكثر صلابة.
أبعاد ورسائل المؤتمر
يرى مراقبون أن انعقاد المؤتمر في الدوحة يحمل عدة رسائل:
1. تأكيد مركزية القضية الفلسطينية في الوعي العربي رغم الأزمات الداخلية.
2. رفض السياسات الإسرائيلية التي تحاول فرض واقع جديد بالقوة.
3. إبراز الدور المصري والقطري قوتين اقليميتين محوريتين في إدارة الصراع.
4. إعادة التذكير بأن السلام العادل والشامل لن يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الخلاصة
مؤتمر الدوحة لم يكن مجرد منصة للتنديد، بل أعاد فتح ملف العلاقات العربية – الإسرائيلية على مصراعيه. أما مصر، فقد ظهرت كركيزة رئيسية في مواجهة التحديات الراهنة، وهو ما يجعلها لاعباً لا غنى عنه في أي تسوية مقبلة.
ويبقى السؤال: هل تتحول المواقف العربية من التنديد الخطابي إلى خطوات عملية تغيّر موازين القوى، أم أن المؤتمر سيُضاف إلى سلسلة طويلة من الاجتماعات التي لم تمنع إسرائيل يوماً من المضي في سياساتها؟