الجرح الذي يؤذيك قد يكون صدى لجرح آخر
كتبتها :د/ماهي احمد
كثيرًا ما نتساءل: لماذا يجرحنا بعض الناس بكلماتهم أو أفعالهم؟ ولماذا يحملون إلينا قسوة لم نستحقها؟ الحقيقة أن الجرح الخارجي غالبًا ما يكون انعكاسًا لجرح داخلي أعمق.
من منظور نفسي، الإنسان الذي يجرح الآخرين ليس دائمًا قويًا أو قاسيًا كما يبدو، بل في أغلب الأحيان هو شخص تألم بشدة ولم يجد وسيلة صحية للتعبير عن ألمه. فالقلب الممتلئ بجراح قد يفيض على الآخرين دون وعي، فيتحول الألم المكبوت إلى كلمات جارحة أو تصرفات مؤذية.
الجرح النفسي إذا لم يُعالَج، يخلق دائرة مؤلمة: مجروح يجرح، وموجوع يوجع غيره. وهذا لا يعني تبرير الأذى، لكن فهم جذوره يساعدنا على التعامل معه بوعي أكبر.
القسوة أحيانًا هي صرخة استغاثة: الشخص لا يصرّح بضعفه، فيخفيه خلف قناع القوة أو الهجوم.
الكلمات القاسية قد تحمل خوفًا دفينًا: خوف من الفقد، من الهجر، من الرفض.
التصرفات المؤذية قد تكون محاولة للسيطرة: لأن داخله يشعر بالعجز أو فقدان الأمان.
ولذلك، الوعي النفسي يعلمنا أن ننظر أبعد من الفعل، لنرى دوافعه. ليس المطلوب أن نسمح بالأذى أو نقبله، بل أن نفهم أن من يجرحنا قد يحتاج هو نفسه إلى شفاء.
كيف نتعامل مع هذا؟
1. ضع حدودك: لا تسمح أن يتحول ألم غيرك إلى حملك الشخصي.
2. افصل بين الفعل وصاحبه: افهم أن ما بدر منه انعكاس لجراحه، وليس لقيمتك أنت.
3. اختر الرحمة الواعية: أحيانًا الرحمة لا تعني البقاء بجانبهم، بل الدعاء لهم من بعيد.
في النهاية، الجرح الذي يؤذيك قد يكون صدى لجرح آخر لم يلتئم بعد. تذكر دائمًا: حماية قلبك لا تعني القسوة، بل تعني الوعي