بقلم الباحث التاريخى : أحمد ُحزين شقير الُبصيلى
تعد الثقافة إحدى أهم العناصر القوية التى تدعم العلاقات بين الشعبين المصري واليوناني حيث تعود إلى عصر الاسكندر الأكبر وعصر محمد علي الذي أحضر اليونانيين لمصر حيث اعتبروها بلدهم الثاني وأبدعوا فيها وقدموا لها مثل ما قدمت لهم
رغم تعدد الجاليات الأجنبية في مصر على مر العقود والحقب الزمنية المتلاحقة فإن الجالية اليونانية كانت الأكثر خصوصية في هذا المضمارإذ ظلت ولا تزال لها رائحة مميزة في التاريخ المصري إلى الحد الذي كان من الصعب فيه أحيانًا خلال بعض المراحل التفرقة بين ما هو مصري ويوناني.
حالة من الالتحام والاندماج المجتمعي عايشها اليونانيون في مصر منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى كتابة هذه السطور، ورغم عوامل التعرية السياسية والجغرافية التي أثرت بشكل كبير على حضور تلك الجالية في المجتمع المصري غير أن رائحتها تتناثر في شوارع وأزقة ومحال ومقاهي مدينة الإسكندرية كما تحتفظ بعبقها الجذاب في العاصمة القاهرة وبعض مدن الوجه البحري.
نجح اليونانيون في حفر أسمائهم بأحرف من نور في سجلات التاريخ المصري خلال القرنين الماضيين فكانوا ركنا مهمًا في دفع قاطرة التنمية لا سيما على الجانب الاقتصادي والخيري حتى وقت الأزمات كانوا جنبًا إلى جنب إلى جوار المصريين وهو ما دفع بعضهم للقول إنه لا يشعر إن كان في مصر أو اليونان.. ليبقى السؤال: إن كان الأمر كذلك فلماذا تقلصت أعدادهم إلى هذا الحد؟
تأسست الجالية اليونانية بمصر في مدينة الإسكندرية عام 1843 على أيدي عدد من رجال الاقتصاد اليوناني المقيمن في مصر وقتها، أعقبها تدشين مقار للجالية في عدد من المدن الأخرى أبرزها القاهرة وبورسعيد والإسماعلية وميت غمر وأسيوط.
هدفت تلك الجمعيات بداية الأمر إلى تحقيق هدفين: الأول النهوض بأفراد الطائفة اليونانية ورعاية مصالحها وهو الهدف الطبيعي لأي كيانات تدشنها الجاليات المقيمة في مصر غير أن الهدف الثاني تمثل في خدمة الوطن المصرى عن طريق العمل الصالح المنتج وتأييد القضية الوطنية المصرية.
لم يتعامل اليونانيون المقيمون في مصر على أنهم وافدون في دولة أجنبية بل اعتبروا أنفسهم أبناء هذا البلد، يفرحون لفرحه ويتألمون لألمه ويشاركون أبناءه همومهم ومشاكلهم وهو ما تجسده مواقفهم التاريخية خلال الأزمات التي واجهتها الدولة المصرية طيلة العقود الطويلة الماضية.
ففي فترة الاحتلال الأجنبي المصري شارك اليونانيون المقيمون في مصر في أعمال المقاومة بالنفس والمال وقدموا النقود والتبرعات وأعلنت الجالية اليونانية في مصر وقتها أن 223 فردًا من أفرادها انضموا إلى جيش التحرير في بورسعيد، كما أقبل الكثير منهم على مراكز التدريب في أعمال التمريض وتطوع بعضهم بتقديم ملابس لجنود مصر.
علاوة على ذلك فقد تميزوا بالأعمال الخيرية التي تصب في صالح المجتمع المصري إذ أنشأوا عشرات المستشفيات والمراكز الصحية الخيرية هذا بخلاف ملاجئ الأيتام والعجزة، مثل ملجأي بناكي وكانيز كيرن ويعد المستشفى الذي أنشأه تيوخارى كوتسيكا واحدًا من أكبر مستشفيات مصر على الإطلاق في القرن التاسع عشر.
كذلك أنشأ اليونانيون عشرات المدارس التي تميزت بروعة البناء والتصميم والمستوى الجيد للمناهج الدراسية والعلمية بها فكانت المدرسة اليونانية المعروفة في باب اللوق بالقاهرة أيضًا المدرسة العبيدية التي لها قصة طويلة من النزاع بين العائلة اليونانية التي أنشأتها وكانت تسميها آييت والأقباط وذلك بعد تمصير العائلة البانية للمدرسة واتخاذ اسم آخر لهم “عبيد” هذا الاسم الذي اعتبره الأقباط تابعًا لهم ومن ثم طالبوا بحقهم في المدرسة.
وسوف انشر حلقات قريبا ان شاء الله بالوثائق الكاملة عن المدرسة العبيدية واهميتها فى تاريخ التعليم بمصر.
ومن ضمن قصص الجالية اليونانية وعشقها وارتباطها بتراب مصر وحبها لمصر ننشر لكم وثيقة طلب الشاب اليونانى اسنفرو بترو زمبيليس وهو كما مدون داخل الوثيقة الخاصة بطلب امتداد اقامته بالمملكة المصرية فى عهد الملك فاروق ملك مصر والسودان
حيث ذكرت الوثيقة بيانات شخصية تتعلق بــ اسنفروا بترو زمبيليس حيث ذكرت الوثيقة انه مسيحى ارثوذكسى ويبلغ من العمر 49 عام
كما ذكرت الوثيقة ان من معارفه بمصر شخص يونانى اسمه سفاكليس بوبابندوبولس الذى يسكن بشارع جميل بالظاهر بالفجالة .
كما دون بالوثيقة ان اليونانى اسنفرو بترو ا زمبيليس يعمل فى مهنة ميكانيكى وعنوان السكن بمصر هو درب القطن / عطفة الصباغ الاحمر نمره 1 ، وقد طلب امتداد مدة اقامته بمصر لمدة عشر سنوات .