المُطَّرد في عرف أهل العشق أن يكون التغلغل من المظهر إلى الجوهر، يتغنَّى الوله بدقائق القالب منتقلا منها إلى ثنايا الجنان، يسبر أغوار من يهوى ويتتبع قراره قصد الاهتداء.
لكنِّي وإن كنت منهم إلا أنني قد خالفت نهجهم؛ صادفت مالم يصادفوه، رزقت بتوأم الروح، عاودتني قطعة مني ساقها المنَّان على عجلٍ إليّ؛ انعكاس لذاتي، وسِرٌّ لوجودي.
ناظرتها قلبا وروحا، فكرا ومضمونا، رؤية وآمالا، طموحا وآلاما، لا أطيق بعدها عني للحظات، أشتاق وأشتاق وأشتاق دونما ارتواء، أفتقدها وهي بعيني قارَّة بلا ارتحال.
عرفتها معنى واعدا، وفهما رشيدا، وقولا سديدا، لم أستطع صبرا، لم أرد تحسبا، وجدتني مع الوقت أسيرا لديها، هائما بها، أبحث عنها، أفتش فيها، أبحر في الأعماق بلا إرهاق.
وحانت اللحظة التي منحت فيها النظر، صعقت من نضارة المحيا، سحرتني بجمال المبنى ودلال المغنى، أي شمس تجسدت فيك؟!، أي ملاك حلَّ بك؟!، ماذا أنتِ صانعة بي؟!.
سلمت قلبا وقالبا، زادك الإله حسنا وبيانا، أي نعيم قاربته؟، وأي نصر أحرزته؟، حفظ الله بطنا حوتك، وأعز الرحمن أسرة أنجبتك، قواي من معينك تستمد، وطاقتي من شعاع عينيك تسترد.