ليست عظاما تجبر بل هي أرواح تقهر
نهى فوزي حموده
ليست عظاما تجبر بل هي أرواح تقهر ……………….
انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل فاق الحد والتحمل حيث بلغ ما فوق طاقة البشر حالات كثيرة من التعدي على الآخرين بشكل أو بآخر فلقد بلغ التنمر أقصاه أصبح التنمر على أي شيء وكل شيء أصبح التنمر بمثابة روتين يومي لذي الكثير دون النظر لوقعه في نفوس الآخرين
فالتنمر هو شكل من أشكال العُنف، والإساءة، والإيذاء، الذي يكون مُوجَّهاً من شخص، أو مجموعة من الأشخاص، إلى شخص آخر، أو مجموعة من الأشخاص الأقلّ قوّة، سواء بدنيّاً، أو نفسيّاً، حيث قد يكون عن طريق الاعتداء البدنيّ، والتحرُّش الفِعليّ، وغيرها من الأساليب العنيفة، ويتَّبع الأشخاص المُتنمِّرين سياسة التخويف، والترهيب، والتهديد، وقد يُمارَس التنمُّر في أكثر من مكان، كالمدرسة، أو العمل، أو غيرها من الأماكن المختلفة.
وقد عرَّف علي موسى، و محمد فرحان التنمُّر بأنّه: الطفل الذي يُضايق، أو يخيفُ، أو يُهدِّد، أو يُؤذي الآخرين الذين لا يتمتَّعون بدرجة القوّة نفسها التي يتمتَّع بها هو، وهو يُخيف غيره من الأطفال في المدرسة، ويُجبرهم على فِعل ما يريدُ بنبرته الصوتيّة العالية، واستخدام التهديد.
ولا يوحد للتنمر شكل ثابت بل ينقسم التنمر إلى أنواع،
التنمُّر اللفظيّ: كالتلفُّظ بألفاظ مُهينة للشخص الآخر، أو مناداته بأسماء سيّئة لا يُحبّذُها الشخص ولا يحبُّها، و السخرية منه، و تهديده . التنمُّر الجسديّ: وهو إيذاء الشخص، عن طريق ضَرْبه، وإهانته، وايذائه في جسده، ودفعه بقوّة. التنمُّر الاجتماعيّ: وهو إيذاء الشخص معنويّاً، كتَرْكه وحيداً، ودَفْع الآخرين إلى تَرك صحبته، وإخبارهم بعدم مصادقته، أو التعرُّف إليه. التنمُّر الجنسيّ: وهو إيذاء الشخص باستخدام الألفاظ، والمُلامَسات غير اللائقة. التنمُّر في العلاقة الشخصيّة، والعاطفيّة: وهو إيذاء الشخص بنَشْر الأكاذيب، والإشاعات التي تُسيء إليه، وإبعاده، والصدّ عنه. التنمُّر الإلكتروني: وهو التنمُّر الذي يتمّ عن طريق استخدام المعلومات، ووسائل وتقنيات الاتّصالات، كالرسائل النصّية، والمُدوَّنات، والألعاب على الإنترنت، عن طريق تنفيذ تصرُّف عدائيّ يكون الهدف منه إيذاء الآخرين
أقسام التنمر يُقسَم التنمُّر إلى قسمَين، هما:[١] التنمُّر المباشر؛ حيث يتضمَّن الضَّرْب، والدَّفْع، وشَدّ الشَّعر، والطَّعْن، والصَّفْع، والعَضّ، والخَدْش، وغيرها من الأفعال التي تدلُّ على الاعتداء الجسديّ. غير المباشر؛ حيث يتضمَّن تهديد الضحيّة بالعَزْل الاجتماعيّ الذي يتحقَّق بعدّة طُرُق، مثل: التهديد بنَشْر الإشاعات، ورَفْض الاختلاط مع الضحيّة، ومُمارَسة التنمُّر على الأشخاص الذين يختلطون مع الضحيّة، ونَقْد الضحيّة من ناحية الملبس، والعِرق، واللون، والدِّين، والعَجْز، وغيرها
التنمُّر في المدارس عرّف دان ألويس النرويجيّ (Dan Olweus) -المُؤسِّس للأبحاث حول التنمُّر في المدارس- التنمُّر بأنّه: أفعال سلبيّة مُتعمَّدة من قِبَل تلميذ، أو أكثر، وهي تتمّ عن طريق إلحاق الأذى بتلميذ آخر، بصورة مُتكرِّرة طوال الوقت، ويمكن أن تكون هذه الأفعال السلبيّة بالكلمات، مثل: التهديد، والتوبيخ، والإغاظة، والشتائم، ويمكن أن تكون بالاحتكاك الجسديّ، كالضَّرب، والدَّفْع، والرَّكْل، كما يمكن أن تكون كذلك دون استخدام الكلمات، أو الإيذاء الجسدي، مثل: التكشير في معالم الوجه، أو الإشارات غير اللائقة بقَصْد، أو تعمُّد عَزْله عن المجموعة، أو رَفْض الاستجابة لرغبته.
انتشرَ التنمُّر في المدارس منذ قديم الأزل، و كانت له عواقب وخيمة، فهنالك دراسة لكوي (بالإنجليزيّة: coy) في عام 2001م، بعنوان (التنمُّر في المدارس)، تبيَّن أنّ هناك حوالي (160.000) طالب يهربون يوميّاً من المدرسة؛ بسبب ما يتعرَّضون له من تنمُّر من قِبَل زملائهم، أو مُدرِّسيهم، وقد اعتُبِرت هذه الظاهرة مُدمِّرة؛ لما تُسبِّبه من آثار نفسيّة على الأشخاص، ولما قد تُؤدّي إليه في بعض الحالات، كالانتحار، والاكتئاب، كما أوضحت دراسة لإيرلينغ (بالإنجليزيّة: Erling) عام 2002م، بعنوان (أعراض كئيبة و أفكار انتحاريّة)، حيث أُجرِيَت الدراسة على 2088 طالباً نرويجيّاً، وبيَّنت النتائج أنّ الطلّاب الذين يُمارسون التنمُّر، والذين يتعرَّضون له، حازوا على أعلى درجة من درجات الميول للأفكار الانتحارية. وأكَّدت الدراسات أيضاً على أنّ الأشخاص الذين يُمارسون التنمُّر هم ضحايا تنمُّر سابقين، وقد مارسوا التنمُّر؛ للتظاهُر بالقوّة، والصلابة؛ لحماية أنفسهم، ولعدم مقدرتهم على تكوين صداقات، وعلاقات اجتماعيّة، ولذلك لجؤوا إلى التنمُّر؛ كي يخشاهم باقي الأطفال، أو الزملاء في المدرسة ، علماً بأنّ التنمُّر قد يكون ناتجًا من المُعلِّمين، والمدرسة ذاتها أيضاً
ومن الطبيعي أن يترك التنمر آثارا بالغه على النفس البشرية والتي منها لجوء الشخص إلى العنف، ومن الممكن أن تتحوَّل طبيعة الشخص الودودة، والطيّبة، فتصبح مائلةً إلى العدوانيّة، وبالتالي يُصبحُ هذا الشخص من الأفراد الذين يُمارسون التنمُّر ويُطبِّقونه. قد يلجأ الشخص إلى النوم الزائد عن حَدّه، أو قِلّة النوم. قد يُعاني الشخص من حالة نفسيّة مُتغيِّرة. قد يُعاني الشخص من العصبيّة الحادّة، والغضب. قد يعاني الشخص من فُقدان الشهيّة، أو زيادتها. قد يُعاني الشخص من ظهور علامات القلق، والاضطراب، والخوف على ملامح وجهه. قد يعاني الشخص من الآثار السلوكيّة، والنفسيّة، والعاطفيّة.
قد يميلُ الشخص إلى الاكتئاب، والإحساس بالوحدة، والانعزال عن المجتمع، والانسحاب من النشاطات المدرسيّة جميعها؛ بسبب تأثير التنمُّر السيِّئ عليه.
وقد يُفكِّر الشخص في الانتحار؛ إذ إنّ هنالك علاقة قويّة بين التنمُّر، والانتحار؛ لأنّ التنمُّر يُؤدّي إلى حصول عدد كبير من حالات الانتحار؛ وذلك لأنّ الأشخاص الذين يُقدِمون على الانتحار، يُعانون من المُضايقات، والتعرُّض للتنمُّر، والمُتنمِّرين.
كما أنه قد ينعدمُ اهتمام الشخص بمظهره الخارجيّ، وبدراسته، وبواجباته المنزليّة التي عليه أن يُؤدِّيها وعدم إظهار أيّ ردة فعل في البداية إذا ما تعرض أحد للتنمّر من قبل آخرين، عليه عدم إظهار أي ردة فعل من غضب أو عدم ارتياح، فقط عليه المشي بعيداً، فالمتنمّرون يشعرون بالفرح والقوة عند جعل الآخرين يشعرون بالحزن أو الغضب نتيجة التنمّر وسيجعلهم يتمادون أكثر.
في حين أن هناك أنواع من التنمّر لا يجب فيها اتباع هذه الطريقة فهناك مواقف لا بد للشخص أن يدافع عن نفسه كما في حالة الشعور والإيمان بالقوة الداخلية لمواجهة التنمّر يجب أن يؤمن كل فرد بقوته، فالمتنمّرون يحاولون أن يُشعروا غيرهم أنهم لا يملكون هذه القوة، بكل فرد عليه الحذر من أن يقلل أحد من شأنه أو يشعره بالضعف.
تعلّم وممارسة أحد الفنون القتالية ما يميّز الفنون القتالية المختلفة الكراتيه والكونغ فو والتايكواندو وغيرها، أنّها تزرع وتعزز الثقة بالنفس، وتمنح الفرد لياقة بدنية عالية وتكسبه مهارات قتالية مختلّفة تمكّنه من مواجهة أي تنمّر وعدوان قد يتعرّض له وعدم الظهور بموقف ضعيف كهدف سهل للمتنمّرين
وضع الحدود الطريقة الأفضل في التعامل مع الجميع أن يبقى الفرد مهذباً ومحترفاً في تعامله مع الآخرين، مع وضع الحدود لهم وعدم السماح لهم بتجاوزها، وإذا ما تجاوزها أحد يجب الرد عليه بسرعة وبدون انفعال.
عدم الرد على المتنمّرين بمحاولة التنمّر عليهم من المهم ألا تتم مواجهة التنمّر بمثله من ضرب أو اعتداء، وذلك تجنباً أولاً لنشوب الشجار وهو غالباً ما يفضله المتنمّرين، وثانٍ للابتعاد عن الدخول في أي مشاكل، والأفضل البقاء بعيداً مع الآخرين وطلب المساعدة إذا لزم الأمر.
إخبار شخص بالغ إذا ما كان الفرد يتعرّض للتنمّر، فمن المهم أن يبادر بإبلاغ شخص بالغ يمكنه تقديم المساعدة له إن كان صديقاً أو أخاً أو معلّماً في المدرسة، وغالباً ما يمكنهم التعامل مع المتنمّرين بشكل صحيح وسيتوقف المتنمّرون عن أفعالهم خوفاً من العقاب.
ولقد وافق مجلس الوزراء، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، بإضافة مادة جديدة لقانون العقوبات، برقم (309 مكرراً ب)، والتي أوردت تعريفاً للتنمر.
ويأتي ذلك في ضوء تزايد ظاهرة التنمر وتناميها بصورة تشكل خطراً على المجتمع المصري، ما استدعى التعديل لتحقيق العدالة الاجتماعية.. ونستعرض فى النقاط التالية أبرز العقوبات التى سيتم تطبيقها فى حالة التنمر على الغير:
يعد تنمرا كل استعراض قوة أو سيطرة للجاني، أو استغلال ضعف للمجني عليه، أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسئ للمجني عليه، كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية، أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي، بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية، أو الحط من شأنه أو إقصائه عن محيطه الاجتماعي.
عقاب المتنمر بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 30 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
تشديد العقوبة إذا توافر أحد ظرفين، أحدهما وقوع الجريمة من شخصين أو أكثر، والآخر إذا كان الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه
تشدد العقوبة أيضا إذا كان مسلماً إليه بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي أو كان خادماً لدى الجاني، لتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
مضاعفة الحد الأدنى للعقوبة حال اجتماع الظرفين وفي حالة العود تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى.
فالتنمر هو كسر للنفس البشرية.