القلق

القلق

بقلم عبير مدين

كتبت إسمي على بخار الماء المتكاثف على كأس الماء المثلج وأنا امسكه بعناية كأنما اريد أن اثبت ملكيتي له ارتشفت قليلا من الماء يتلذذوكأني اخشى أن اشرب المزيد فيفرغ الكأس و اسقط فريسة العطش رباه ما هذا القلق رغم أن المبرد ممتلئا!

لست وحدي القلقة غالبية الشعب المصري قلق و قضيته الجوهرية ومحور حياته تتلاعب به المنظمات الدولية، الشعب المصري يعي أن تدويلالقضية أن يفيد ولن يعيد حق، المنظمات الدولية لا تملك غير أن تشجب وتستنكر وفي أحلك المواقف تعرب عن قلقها الشديد او أسفها العميق

لكنها طقوس إثبات حسن النوايا واحترام المواثيق الدولية علينا أن نسلك كل السبل السلمية حتى لا يلومنا أحد، ولا بهم ما نشعر به من قلقونحن نتابع مراحل مليء سد النهضة ولا يهم ما نشعر به من قلق إذا فوات الأوان لتدميره

البعض صار يتحدث عن موارد المياه البديلة حال ضياع حقنا والبعض يقول هناك دول بلا أنهار و تمارس حياتها بصورة طبيعية، كل هذهالنظريات لا تبرر صمتنا على ضياع ما وهبه الله لنا فلو كانت إرادة الله غير أن يجري ماء النيل في ارض مصر و شرايين أبنائها و ضيوفهالجعل للنيل مجرى آخر  فنهر النيل يجري في عدة أقاليم متباينة, ويخترق حوالي 35 درجة من درجات العرض ليصل بين منابعه ومصبه.

قضية النيل قضية صعبة هي قضية حق تاريخي لمصر و قضية مستقبل لإثيوبيا التي تحلم ببيع الماء والكهرباء لدول افريقيا والوصول إلىمصاف الاقتصاديات الضخمة في العالم لهذا تتعامل من منطلق انا وبعدي الطوفان فلقد وصلنا إلى نقطة أن تدمير سد النهضة ينتج عنهطوفان يغرق السودان و مصر وهذا هو سبب المماطلة في المباحثات لكي نصل إلى تلك النقطة فإما أن نستسلم ونبحث عن حلول بديله أوننهك اقتصادنا بشراء الماء أو أن تدق طبول الحرب وفي هذه الحالة نبتلع نفس الطعم الذي ابتلعه صدام حسين من قبل وتصبح ذريعةللتدخل العسكري الأجنبي لدول صديقه لإثيوبيا لحماية حقها في بناء سد.

إن حدود الدولة المصرية وأمنها القومي يبدأ من افريقيا التي اهملنا تواجدنا فيها على مدار سنوات طويلة وتركنا أيادي خبيثة تتلاعببمقدراتنا دون أن نقطعها من البداية، وجودنا في افريقيا ليس وجود هيمنة ولا سبطرة ولا استغلال موارد وجودنا في افريقيا وجود شراكةاستراتيجية افريقيا سوق جيد لتسويق المنتجات المصرية و بناء مصانع لتشغيل أبناءها وضمان ولائهم للدولة المصرية كذلك مصر سوق جيدسهل تسويق منتجات افريقيا ونقلها إليها واستغلال مراعبها الطبيعية لتربية الماشية لتوفير اللحوم لشعوب المنطقة

مصر الغنية بسواحلها التي لم تستغل الاستغلال الأمثل الاستزراع السمكي وعمل المشروعات القائمة عليه افريقيا سوق ممتاز لنمو هذهالصناعات في مصر سهولة الربط البري بين دول القارة تساعد على ذلك

المنح الدراسية والرحلات العلمية والترفيهية للمتفوقين من ابناء تلك الدول يجعل هناك جو من الود والصداقة الفعلية بخلاف الكلمات الورديةفي المؤتمرات الدولية

البعد عن التعصب الرياضي وهذا هو واجبنا كشعب حتى نصلح ما فسد من روح رياضية و علاقات مقطوعة

القلق والتوتر الذي نعيش فيه يجب أن يدفعنا ان نفكر بعقلانية في كل خطوة وفي خطوات استباقية

الغرب للغرب وبينهم مصالح والصهيونية العالمية لا تبحث عن شئ غير مصالحها  و نحن مجرد سوق لهم لن يعنيهم أمرنا لأنهم متأكدون أننالن نستطيع مقاطعتهم لن تتخلى عن منتجاتهم و الأساسية ولا الترفيهية في نظرهم لنذهب إلى الجحيم هناك اسواق غيرنا والبدائل كثيرة

سوف تمر الأزمة وعلينا أن نغير الكثير من سلوكياتنا  علينا أن نغير طريقة استهلاكنا الماء علينا أن نعيد لنهر النيل قدسيته لعدم الاعتداءعليه و إهماله ورمي المخلفات به فعدم الحفاظ على النعم يجازى بزوالها

علينا جميعا رغم القلق بضبط النفس وعدم طرح أي سيناريوهات محتملة على وسائل التواصل الاجتماعي هناك ملايين العيون تراقب فلاينبغي أن تتحول إلى جواسيس ننقل اخبار بلادنا ببلاهة هذه الأخبار كانت الدول المعادية تدفع الغالي والنفيس لتعرفها اليوم نقدمها لهمعلى طبق من ذهب

ودعوني استمتع برشفة أخرى من كأس الماء وأنا على يقين أنه لن يفرغ