أحمد السمالوسي يغيّر مفهوم الزراعة في مصر.. كيف أعاد الشباب إلى الأرض؟
كتب: أحمد زينهم
على مدار سنوات طويلة، ارتبطت الزراعة في أذهان كثير من الشباب المصري بأنها مهنة متعبة، غير مربحة، ومخصصة فقط لكبار السن أو من لا يملك خيارات أخرى، ولكن في السنوات الأخيرة، بدأ هذا المفهوم يتغير، وكان لأحمد السمالوسي دور محوري في ذلك التحول.
ومن خلال محتواه الواقعي على السوشيال ميديا، ومشروعه العملي الذي تطور من زراعة منزلية بسيطة إلى مزرعة متكاملة، أعاد السمالوسي تعريف الزراعة على أنها فرصة حياة جديدة، واستثمار مربح، ونمط معيشة صحي ومستدام.
والسر وراء نجاح أحمد السمالوسي لا يكمن فقط في مشروعه، بل في الطريقة التي قدّم بها الزراعة للناس، ولم يستخدم لغة معقدة، أو محتوى نظري جامد، بل وثّق يومياته داخل المزرعة، وشرح ببساطة كيف تزرع الخضار في سطح البيت، وكيف تربي فراخ بلدي وتنتج بيضًا نظيفًا، وكيف تزرع برسيمًا وتستخدمه في تغذية الماشية، وكيف تسمن عجلًا جاموسيًا بطريقة طبيعية وتحقق أرباحًا.
وبهذه الطريقة، أعاد السمالوسي تعريف الزراعة كفن يومي قابل للتطبيق، وليس حكرًا على أصحاب الأراضي أو الشركات الكبرى، ومن خلال فيديوهاته على تيك توك وفيسبوك ويوتيوب، زرع السمالوسي في قلوب الشباب فكرة جديدة: “مش لازم تبقى مهندس ولا موظف… ممكن تبدأ مشروعك بإيدك وتنجح”.
وهذا النوع من التحفيز العملي، المبني على تجربة حقيقية، ألهم الآلاف من الشباب المتخرجين الباحثين عن فرصة حقيقية، ومن الأسر التي تبحث عن أكل صحي بدون تكلفة عالية، ومن سكان الريف الذين أهملوا أراضيهم لسنوات، وأصبح السمالوسي دليلًا حيًّا على أن العودة إلى الأرض ممكنة ومربحة، بل ومرضية نفسيًا وصحيًا.
وفي بيئة تعاني من التهميش الزراعي، وتضخيم قيمة “الوظيفة المكتبية”، جاء محتوى أحمد كصفعة إيجابية لهذا الإحباط العام، وكثير من الشباب كتبوا له تعليقات مثل: “أنا بعت الموبايل وبدأت أزرع سطح بيتنا”، “أنا علمت أمي تزرع من فيديوهاتك”، “كنت فاكر الزراعة مستحيلة، لحد ما شوفتك”، وهذا التفاعل أكد أن ما ينقص الشباب ليس فقط التمويل، بل النموذج الناجح الصادق، وهو ما قدمه السمالوسي.
وساهم أحمد في إعادة الاعتبار لمهنة الفلاح والمربي الصغير، وأثبت أن هذه المهنة، رغم بساطتها، تحمل في طياتها فرصًا هائلة للنمو الشخصي والاقتصادي.
فمن خلال تربية بضع دجاجات أو زراعة مساحة صغيرة، يمكن لأي شاب أو أسرة أن توفّر احتياجاتها الغذائية، وتبيع الفائض وتكسب، وتتجنب أضرار الأطعمة المصنعة، وتشعر بالإنجاز اليومي الحقيقي، وبهذا المفهوم، استطاع السمالوسي أن يعيد الفخر لمهنة الزراعة، ويقدّمها كنمط حياة يليق بالقرن 21.
وأرقام أحمد السمالوسي على المنصات الرقمية ليست مجرد إنجاز شخصي، بل وسيلة ضغط إيجابي لتغيير المفاهيم المجتمعية 1.6 مليون متابع على تيك توك، و 1.5 مليون متابع على فيسبوك، و 500 ألف على إنستجرام، و 300 ألف مشترك على يوتيوب، وملايين المشاهدات لفيديوهات تعليمية وتوثيقية يوميًا، وهذا الحضور الرقمي جعل صوته مسموعًا، ليس فقط عند الشباب، بل أيضًا عند المهتمين بالتنمية الزراعية، والإعلاميين، والباحثين عن نماذج نجاح مصرية واقعية.
وما يقدمه أحمد السمالوسي لا يمكن اختزاله في تعليم كيف نزرع أو نربي طيورًا فقط، بل هو عملية تغيير اجتماعي وفكري قائمة على كسر الصورة النمطية عن الزراعة، واستعادة العلاقة بين الإنسان والأرض، وخلق جيل يؤمن بالاكتفاء الذاتي، وتشجيع المشاريع الصغيرة كمصدر رزق حلال ومستدام، وإنه ببساطة، رائد زراعي رقمي، استطاع أن يفتح بابًا كان موصدًا في وجه جيل كامل.