ألم عميق… يثمر طريقًا
كتبت /منى منصور السيد
لقد خلقنا الإنسان في كبد، آية تلخص جوهر الحياة. فمنذ الصرخة الأولى عند الولادة، يبدأ الإنسان رحلةً من المعاناة، صراعًا مستمرًا مع الزمن والظروف.وصولا للحظة الوداع وما بين البداية والنهاية، زمن من التجارب القاسية: فقد، خيانة، وخيبات أمل.
ولنا لقاء خاص مثمر مع
دكتورة / فاطيما فوزي أخصائي الصحة النفسية واستشاري العلاقات الإنسانية لنبحر معا في أعماق الذات واتساءل :
هل نحن مجرد ضحايا؟ أم شركاء في جراح لم نسعَ إليها؟ أجابت :
الحقيقة أن الصدمات تأتي دون اختيار، ونحن من نقرر . إما أن نتركها تنزف للأبد، أو نضمدها لتلتئم مع الايام . أحيانًا نتمسك بدور المجروح، ونغرق في الماضي، وكأنه جزء من هويتنا.
ولكن هل هذا هو مصيرنا؟
وأضافت: علينا أن ندرك أن الألم والصدمات ليست استثناءً، بل هي جزء من طبيعة الحياة. ولسنا مجبرين أن نظل ضحايا لها ولا نمشي مثقلين بجراح الماضي ، وعلينا أن نتخطي ونتحرر من الأوجاع التي تنهش أرواحنا وتعدم رؤيانا. وهنا يأتي الاختيار : إما أن نبقى أسري الصدمة، تلتهم ما تبقى من قوتنا، أو أن نقرر النجاة، ونحوّل الألم إلى قوة وإرادة .
ونقرر النجاة كما نجا
يونس عليه السلام في بطن الحوت، حين وجد نفسه في ظلمات ثلاث. فرفع قلبه قبل صوته مناديا “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”. ليكون اليقين بالله هو سفينة النجاة .
ولحقتها قائلة :
افهم من حديثك أن الصدمة ليست نهاية طريق كما يظن البعض
فأجابت بثقة وتحدي : ابدا الصدمة قد تكون بداية وعي مختلف ونقطة تحول وانطلاق نحو درب جديد طريقه الإرادة والنهوض .
وهنا ندرك أن الألم، رغم وجعه، يحمل في طياته بذور النضج والحكمة.
والشجاعة الحقيقية تكمن في مواجهته، وترويضه، وتحويله من عدو إلى دافع .
وهنا سارعني السؤال عن كلمة توجهينها لشخص لازال يعيش بين رماد الجراح وبقايا الماضي .
فقالت:
اقول له خذ نفسًا عميقًا، وانظر خلفك. لقد نجوت من الكثير. اجعل من ألمك إرثًا يمنحك القوة، لا عبئًا يثقلك فيكسرك
انطلق، واصنع من وجعك بداية جديدة.