أنا تهت منكم : _
رؤوف جنيدي
ياسادة : أفزعنى التضارب والإختلاف على شبكات التواصل الإجتماعى فى الرؤى والأفكار بشأن قضية سد النهضة . بعد أن إحتد النقاش بين روادها . ووصل عند البعض إلى حد العراك الفكرى أحياناً . بل والسِباب بين المؤيد والمعارض فى أحيانٍ أخرى .. تباينت الآراء واختلفت وتشبث كلٌ برأيه . وكأن من عاداه وخالفه فى الرأى هو العدو اللدود لمصر . فهذا يتهم ذاك بالعمالة والخيانة إن هو خالفه . وذاك يتهم هذا بالنفاق والتطبيل إن لم يتفق معه .
فإن كتب أحدهم منشوراً يؤيد فيه الحرب على أثيوبيا . هاجمه البعض بأنه إخوانى يسعى لتوريط مصر فى صراعٍ مسلح لن ينتهى ليُعيق بذلك دفة البناء والتنمية .. وأيده آخرون بأنه الحل الوحيد الذى يريح مصر من هذا الكابوس .
وإن طالب أحدٌ مخففاً سقف الطموح بتوجيه ضربة خاطفة تُخرج السد فقط من الخدمة أو إيقافه عن العمل . أُهيل على رأسه التراب هذا الأرعن المتهور . ألا يعلم بأن الحرب ليست نزهة ؟!
وإن أحدٌ استجار بالمسار التفاوضى علنا نبلغ به مأمننا . بات هو المتخاذل الذى لم يستوعب دروس الماضى لعشر سنواتٍ فائتة دون جدوى .
وإن تطوع أحدٌ وأفتى بأن السد به عيوب فنية قد تؤدى إلى انهياره ذاتياً . صفق له البعض ولسان حاله يقول ( الحمد لله جات من عند ربنا ) … إتهمه البعض بالسذاجة فكيف لصندوق النقد الدولى وكل الدول الداعمة والمنتظرة قطعتها من التورتة . أن تُمول سداً هشاً . وكأن من أشرف عليه وخطط له وبناه مقاول من الباطن ؟! ..
إن وَضع الرئيس خطاً أحمر لمن يمس حقنا فى المياه تهللنا وانتفخنا زهواً واعتزازاً . وإن صرح وزير الخارجية بأن الخط الأحمر لم يكن للملء الثانى وإنما للآثار التى قد تترتب عليه . هدأنا وتريثنا وحمدنا الله أننا ما زالنا فى مربع الأمان .
اذا سمع أحدٌ مقولة أن الخيارات كلها متاحة . فرح بأن العمل العسكرى قد وُضع فى الحسبان . خرج علينا من يقول : ليست الحرب استخدام الصاروخ أو المدفع … وإنما زيادة فى خشونة التعامل مع الأثيوبيين واستخدام كل الأوراق التى لم تستخدم .
حتى وإن تفهم البعض ولو على مضض بحق أثيوبيا فى التنمية وتوليد الكهرباء . ولتملأ السد شريطة أن يتم ذلك على فترة زمنية طويلة مع مراعاة سنوات الجفاف . وبشرط ألا تقل حصتنا من المياه … صرخ فيه فريق آخر : كيف تأمن لسد يحجز خلفه ٧٤ مليار متر مكعب من المياه . فمن أراد هلاك مصر سواء أثيوبيا أو غيرها فما عليه إلا تفجير هذة القنبلة المائية لتجرفنا مياهه لتلقى بنا فى البحر ؟ .
ثم إن أخذت البعض منا نزعةٌ روحانية بأن النهر نهر الله وسيمضى فى جريانه ولو كره الأثيوبيون . هاجمه البعض بأنها نزعةٌ تواكلية لا يتبناها إلا الضعفاء . فالله ليس مسئولاً عن حماية ممتلكات حضرتك إن لم تحمها أنت . فإن قُصِف مسجدٌ ( مثلاً ) بالصواريخ فستتهدم أحجاره شأنه فى ذلك شأن حجارة أى مبنى آخر . أما من قصَفَه فشأنه إلى الله ..
إذا صرح الرئيس بأنه لا يوجد تفاوض بدون نهاية . فرحنا أن الحسم قد إقترب . ثم نفاجأ بمهلة ستة أشهر أخرى من التفاوض وفقاً للمبادرة التونسية المقدمة لمجلس الأمن .
وأخيراً حاول الأستاذ عمرو أديب طمأنة المشاهدين والتدليل على قوة وفاعلية كلمة السيد / سامح شكرى فى مجلس الأمن . فاستضاف تليفونياً خبيرةً فى لغة الجسد لتؤكد له ذلك من خلال ( الضبط الوهمى للكراڤت ) لأكثر من مرة أثناء إلقاء كلمته فاطمأنت القلوب بعد كلام السيدة الخبيرة …. ولكن سرعان ما هاجمه قطاع كبير من الناس بقولهم : بالتأكيد مارس قبله دبلوماسيون كثر عملية ( الظبط الوهمى للكراڤت ) فى محافلَ دوليةٍ سابقة ولم يُثنِ ذلك أثيوبيا عن إصرارها وتعنتها معنا ..
فأى الفريقين يهدى إلى الحق
وأى الفريقين أحق أن يُتبع