الاعداء الخمسة للمصريين
بقلم الإعلامي/ يوحنا عزمي
من وجهة نظري الخاصة فإن الحوار هو فريضة وطنية قبل ان يكون جدول اعمال وجلسات للمناقشة وتوصيات تخرج للرأي العام ..
وبالتالي فمن الواجب علينا جميعا ان نشارك في الحوار
وان نتحمل جميعا مسئولية مواجهة التحديات التي تواجه
مجتمعنا وتعيق نهضتنا جيلا بعد جيل وعقدا بعد عقد ..
حيث آن أوان المواجهة استغلالا لمعركة النهضة التي تخوضها الدولة المصرية حاليا بتصميم كبير علي ان نلحق بما فاتنا وان نتجاوز الظرف الإقتصادي الصعب ..
لقد شغلتني كثيرا تلك التحديات التي تعوق النهضة المصرية
والتي تحولت إلي وحوش ضارية تحتاج لشجاعة الفرسان في مواجهتها ، وكم ضحكت كثيرا قبل وبعد ثورة يناير وحتي الآن
وانا اري مجموعة من البهاليل يكتبون في الصحف قبل يناير ويظهر بعضهم علي يوتيوب حتي الأن ليمارسوا نوعا من التضليل ويقولوا للناس ان المسئولية كلها معلقة في رقبة الحكومة والسلطة التنفيذية ، وان تغييرها كفيل بحل كل مشكلة .. ويشهد الله إنهم كاذبون جهلة كانوا ومازالوا كلابا للإرهاب ولكل من يدفع لهم ..
لقد شغلتني تلك التحديات الحضارية وكيف نعالجها معالجة قريبة من الناس فوجدت نفسي اسميها “اعداء المصريين الخمسة ” وهي
“الانفجار السكاني” و”ثقافة التخلف” و “الفساد” و “الأمية”
و “المخدرات” إن هذه الآفات الخمسة هي للاسف بنت واقعنا التاريخي والاجتماعي ليس للسلطة دور في صناعتها وإن كان
يمكن ان نتهمها في بعض العصور في التقصير في مواجهتها
او عدم اللجوء إلي الحلول الناجعة لهذه المشاكل المزمنة والضارية
ولكننا لا يمكن ان نقول إنها مسئولة عنها او إنها هي السبب
في وجودها .. ومن المؤسف ان كل هذه “المعضلات” الخمس
علي علاقة ببعضها البعض فالانفجار السكاني هو ابن ثقافة التخلف الديني التي تقول للناس ان التكاثر من تعاليم الاسلام وان زيادة عدد المسلمين يؤدي لرجحان كفتهم حين تشتعل معارك الفتنة الطائفية البغيضة ، ولا يثير الدهشة ان يستغل بعض تجار السموم سذاجة بعض المصريين فيقنعونهم ان تعاطي المخدرات ليس محرما ولم يرد به نص شرعي في حين يؤكد العلماء انها محرمة لضررها وتاثيرها القاتل علي حياة الانسان ..
والمعني ان الجهل يقود إلي الفهم المتخلف للدين وكلاهما يقود
إلي زيادة السكان وإلي تعاطي المخدرات بل وإلي الأمية .
والمعني ان “اعداء المصريين” الخمسة شبكة واحدة او حلف شيطاني واحد يساند بعضه بعضا ويتسبب بعضه في بعض
وليس الفساد بعيدا عن هذا التحالف الرباعي الشيطاني فتاخر عملية التنمية بفعل الفساد يؤدي لمزيد من انتعاش التخلف والتطرف ولجوء الناس للمخدرات كملجا من واقع لم يستطيعوا تغييره وإلي لجوء الفقراء لإنجاب مزيد من الأطفال كأيد عاملة رخيصة تصب حصيلتها في جيوب الاباء العاطلين عن العمل وعن اللحاق بركب النمو ..
وهكذا يستفيد التطرف والتخلف من الفساد ويستفيد الفساد
من التخلف وفق حلف شيطاني شهير ، واحب ان انوه في هذا الاجتهاد الذي اقدمه إلي انني استخدم مصطلح “ثقافة التخلف” كبديل اوسع واكثر تعبيرا من “ثقافة التطرف” لأننا نواجه في واقعنا من يقولون انهم ليسوا متطرفين دينيا حسب فهمهم هم بمعني انهم لا يؤمنون بالتكفير او بالحاكمية ومع ذلك يؤمنون بمفاهيم تضر هذا البلد اشد ما يكون الضرر مثل الايمان بالخرافات والعداء للعلم او بأن “العيل بييجي برزقه” او بأنه “ما افلح قوم ولوا امرهم امراة” او بأن “الرزق ليس مرهونا بالعمل” او بأن “العلم الحقيقي هو علم الدين لا علم الدنيا” وهي كلها ترهات وخرافات رد عليها الأزهر الشريف بالتفصيل ومع ذلك ما زالت تجد لها مكانا في مجتمعنا وتؤثر في قدرتنا علي التقدم وتحقيق ما نصبو إليه ..
وهكذا فإن علينا ان نطرح هذه التحديات الخمسة او الاعداء الخمسة وهي “زيادة السكان – ثقافة التخلف – الفساد – المخدرات والأمية” علي طاولة الحوار الوطني وان نناقشها كمعوقات للتقدم وكوحوش صغيرة تلتهم اي عائدات للتنمية.
وقد يقول قائل ولماذا نتحاور حول هذه القضايا ونحن جميعا
نتفق علي خطورتها .. وارد قائلا ان علينا ان نتحاور حول أولوية المواجهة .. والاعتمادات اللازمة لنشر الوعي بهذه القضايا ..
وانا شخصيا اري ان علي الدولة رصد مزيد من الأموال لمكافحة الزيادة السكانية من خلال حملة اعلانات قوية واننا يجب ان نري نجوما مثل محمد صلاح وكريم عبد العزيز واحمد عز وغيرهم يحدثون المصريين عن اضرار كثرة الإنجاب .. وقد يكون هناك من يري ان هذه اموال تنفق بلا طائل وان الحل في قانون يلزم الأسر الجديدة بفارق زمني بين كل طفل واخر ..الخ .
وبالتالي فالحوار مطلوب .. نفس الأمر بالنسبة لقضية مثل الأمية فأنا اري مثلا أن تعطل سلاسل الإمداد يفرض علينا توجيه كل ميزانية حياة كريمة للتنمية البشرية لاهلنا في الريف ومحو امية القراءة والكتابة وامية الإنترنت ايضا وتأجيل بناء المستشفيات والوحدات الصحية لحين تنفيذ تعليمات الرئيس بحل أزمة تكليف الأطباء ..
وقد يري اخرون غير ذلك وأنه لابد من اكمال خطة للبناء
في حياة كريمة قبل مزيد من ارتفاع اسعار مواد البناء وبالتالي فالحوار مطلوب حول الاولويات وسبل العمل حتي لو اتفقنا في الغايات او لم نتفق ..
وعلي كل ان يقاتل في جبهته وسابدا باذن الله في سلسلة مقالات طويلة بعض الشىء عن اعداء المصريين الخمسة “الانفجار السكاني وثقافة التخلف -الفساد – المخدرات- الأمية” والذين اري ان انتصارنا عليهم هو الخطوة الأولي لحل معضلة التنمية ولتسريع اثار النمو الاقتصادي ولغلق المسارب التي يتسرب منها تيار التقدم ..
هي معركة اولي من اي معركة وقضية اهم من اي قضية واجندة للحوار لابد من طرحها وفريضة تجاه الوطن لابد من اداءها.