كتبت ريهام سمير
جلست علي المقعد المواجه للطبيب النفسي في صمت، كانت مرهقة جدا ويحيط عيناها الهالات السوداء والقلق الشديد ظاهر علي ملامح وجها.
وبدأ الطبيب يفتح أبواباً مغلقة داخلها ، لم تستجب بسهولة..
لكنها في الجلسة الثالثة بدأت تتكلم وينفجر ما بداخلها مثل شلال يتدفق بالخوف والقلق.
قالت : دائما أشعر بالخوف ..إنقباض شديد وقلق غريب علي أولادي لدرجة تجعلني لا أتركهم يبعدون عني لحظة واحدة.
دموعي تفر من عيني لأقل سبب ..في الليل لا أنام…أخاف أن أموت وأنا نائمة فأمضي الليل بطوله مستيقظة حتي يشرق الفجر.
لا أحتمل الحديث عن الموت..لم أعد سعيدة مثلما كنت رغم أن لا ينقصني شئ.
نظر الطبيب في عينيها منصتاً متأملاً ، وراح يغوص في تفاصيل حياتها والأحداث التي مرت بها طوال سنوات عمرها.
إمرأة أربعينية مازالت تحمل ملامح جاذبية الأنثي ، ملابسها أنيقة ذوق رفيع ومستوي عالي من الرفاهية ، تحمل مؤهلاً جامعياً ، وتقيم في أحدي الكمبوندات المتميزة.
كانت الإبنة الوحيدة والمدللة لأسرتها وتزوجت وهي طالبة بالجامعة ربط الحب بينها وبين زوجها وهما في الجامعة وعمل في مجال الإستيراد والتصدير وأصبح صاحب شركة كبيرة.
ومضت الحياة هانئة ، ناجحة ، جاء لهم طفلين وإستمر النجاح متواصلاً متلاحقاً..
إحتار الطبيب في البحث عن سر معاناتها..
وأخيراً بعد عدة محاولات بدأ الغموض يتبدد وتظهر أسباب الأزمة.
قالت له: أنا لا أصدق ما أنا فيه ، أليس غريباً أن تمر كل هذه السنين دون أن أمر بأزمة مثلما يحدث مع أصدقائي وقريباتي ؟ هل يمكن ألا يمر الهم ولو مرة واحدة كما يمر علي كل الناس من حولي ؟
عشرون عاما مرت علي زواجي لم نر خلالها إلا السعادة والتوفيق والنجاح ، فهل هذا أمر طبيعي؟
وتأمل الطبيب مريضته الجميلة الثرية الخائفة من المجهول الذي قد يحمله لها الزمن بعد سنوات طوال من السعادة لم تتخللها لحظة ألم واحدة..
ورأي في عينيها أسئلة كثيرة :
هل يمكن أن تخلو حياة إنسان من الأحزان إلي الأبد ؟
هل تعيش في واقع حقيقي ؟ أم أن كل ما حولها مجرد خيالات وأوهام؟