الشرارة التي قد تحرق الشرق الأوسط.. هل اقتربت ساعة الصفر؟
بقلم: محمود سعيد برغش
ما عاد الصراع بين إيران وإسرائيل مجرد شد وجذب في حرب الظلال، ولا عناوين عابرة في نشرات الأخبار. نحن أمام تحول تاريخي حاد، حيث تساقطت الأقنعة، واشتعلت النيران فعلًا في الميدان. الأيام الأخيرة حملت مؤشرات لا تقبل التأويل: انفجار مباشر لمخزون التوترات القديمة، وتحرك لدوائر الحرب على أكثر من جبهة، ليُطرح السؤال المخيف: هل اقتربت ساعة الصفر في الشرق الأوسط؟
الضربة الأولى.. نار تحت الرماد
إسرائيل فتحت بوابة التصعيد بعد تنفيذ هجوم نوعي استهدف منشآت نووية ومواقع عسكرية إيرانية شديدة الحساسية، منها “نطنز” و”فوردو”. الضربة قتلت ضباطًا كبارًا وعلماء نوويين، وهزّت أركان طهران.
الرد الإيراني.. الوعد الحق ينفجر
لم تتأخر إيران كثيرًا، فأطلقت العنان لعملية “الوعد الحق الثالث”، لتغرق سماء إسرائيل بأكثر من 150 صاروخًا باليستيًا و100 طائرة مسيرة. تل أبيب، حيفا، ومواقع عسكرية عاشت على وقع رعب حقيقي، رغم أنظمة الدفاع كـ”القبة الحديدية” و”حيتس 3″. الضربات خلفت خسائر بشرية ومادية وكسرت هيبة التفوق الإسرائيلي.
توازن القوى.. عضلات أمام تكنولوجيا
تمتلك إيران جيشًا واسع العدة وعددًا، وترسانة صاروخية ثقيلة، وتحالفات عابرة للحدود مع حزب الله، الحوثيين، الحشد الشعبي، والنظام السوري. بينما تحتمي إسرائيل بتفوق تكنولوجي، ودعم أمريكي غير مشروط، وقوة نووية غير معلنة.
أمريكا.. شبح الحرب والمصالح المتشابكة
واشنطن بدت حاسمة في دعمها لإسرائيل، فأرسلت حاملة الطائرات “دوايت أيزنهاور”، ورفعت مستوى الجاهزية في قواعدها، لكنها لا ترغب في تورط مباشر طويل. تحاول إدارة بايدن لعب دور الموازن بين الاحتواء والدعم، وسط محادثات دولية ومخاوف من انزلاق أوسع.
باكستان.. الحذر وسط النيران
رغم تواصلها مؤخرًا مع إيران، لا تبدو باكستان راغبة في دخول الحلبة. تخشى من الانجرار في صراع لا يصب في مصلحتها، خاصة مع حساسيات تحالفاتها الخليجية والأمريكية، والانقسام العقائدي بين السنة والشيعة في الإقليم.
الاقتصاد العالمي.. يرتجف
ارتفعت أسعار النفط، اهتزت بورصات الخليج، وتزايد القلق من تهديد الملاحة بمضيق هرمز. حتى الآن، كل مؤشرات الحرب تنعكس على شاشات البورصة ومحطات الوقود، بينما الخوف من ركود عالمي يتعاظم.
من الرابح؟ ومن الخاسر؟
إسرائيل تحاول فرض هيمنتها وردع إيران عن أي مشروع نووي.
إيران تسعى لتثبيت قوتها داخليًا ورسالة إقليمية مفادها: أمن إسرائيل ليس خطًا أحمر.
أمريكا تمسك العصا من الوسط: لا تساهل مع النووي الإيراني، ولا رغبة في حرب شاملة.
باكستان تراقب بصمت، بين عقيدة الأمة ومصالح الجيوبوليتيكا.
هل من نهاية قريبة؟
كلا الطرفين يعلم أن الحرب الشاملة كارثة. إيران لا تتحمل تدمير بنيتها النووية، وإسرائيل تخشى الاستنزاف. لكن لعبة النار محفوفة بالمفاجآت، وأي خطأ حسابي قد يقلب الطاولة.
ما يجري الآن ليس مجرد تصعيد، بل قد يكون مشهدًا افتتاحيًا لصراع طويل، يقلب الشرق الأوسط، وربما يعيد رسم خرائط النفوذ عالميًا.
فهل نقترب من نهاية لعبة الشطرنج؟ أم أن الدم هو من سيكتب الفصول القادمة؟