المخابرات المصرية تجند أمرأة من قادة الموساد و تكون الأذن الخفية
كتب : دكتور فوزي الحبال
قصة امرأة من قادةالموساد جندتها المخابرات المصرية للتصنت على مقر جهاز المخابرات الإسرائيلي
في عهد الرئيس محمد انور السادات، شهدت تلك الفترة بعض الاحداث الهامة وخاصة في جهاز المخابرات العامة، أبرز هذه الاحداث هو عملية الأذن الخفية وكانت ضمن العمليات المهمة والخطيرة لدى جهاز المخابرات..
مقر”جنوة” الإسرائيلي
في منتصف فصل الشتاء من عام 1972 ، كان يجلس الرئيس السادات برفقة مدير المخابرات العامة حينئذ في منزله الخاص، في جلسة أخبره خلالها بالتطورات التي حدثت داخل جهاز المخابرات الإسرائيلي، وخلال الحديث والنقاش الهام سأل الرئيس السادات عن مقر جنوة.
وهو أحد أكبر مقرات جهاز المخابرات الإسرائيلية داخل أوروبا، بل وأكثرها سرية، حيث يجتمع في هذا المقر كبار قادة الموساد أو جهاز الإستخبارات الإسرائيلي، بهدف إتخاذ القرارات الهامة الخطيرة.
أحد مميزات هذا المكان هو إستحالة وصعوبة وخطورة التوصل لمكانه، خاصة بسبب الإجراءات الأمنية المشددة والمعقدة التي يتبعونها حينئذ، وعند إقامة او عقد أي أجتماع يُحاطون بسرية كبيرة مع نظام أمنى قوي لا يُخترق، كما تحمل كل واحد منهم طائرات خاصة من الصعوبة تعقبها.
أمر السادات بعد ذلك بزرع ووضع أجهزة تصنت داخل مقر جنوة بأي شكل وثمن، ورغم إستحالة اتمام العملية، لكن رجال المخابرات المصري بدأوا بالفعل يدرسون بشكل جدي وعقلاني هذا الامر، وكانت أولى هذه الخطوات تحديد شخصيات المجتمعين في هذا المقر، وجميع المعلومات التي تخص المقر سواء كانت صغيرة أو كبيرة.
مع مرور الوقت، نجح الضباط في جمع معلومات عن أهم قادة إسرائيل، تضمنت أشكالهم، وحتى أنواع الكريمات التي يستعملونها للحلاقة، حتى انتقل جهاز المخابرات إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة تنفيذ وصولهم لمقر جنوة الإسرائيلي، وكذلك زرع أجهزة تنصت في داخله، بناءًا على جملة لا تقبل الشك لديهم وهي ما من جهاز امني محكم تماما هناك حتما ثغرة ما في مكان ما تجنيد
شخص للمهمة الجديد،بعد أن تسللت روح اليأس لرجال المخابرات، أندفع احدهم رفعت جبريل وأقترح تجنيد شخص من بينهم، ورغم أن الجميع كان معترض على هذه الفكرة، لكن تركوه يختبر الفكرة، وعقب دراسة كبيرة لجميع الشخصيات التي تجتمع في مقر جنوة الإسرائيلي، وجد من بين هذه الشخصيات أمرأة هي سارة جولدشتاين.
أعتبر زملائه أن إختياره لها، أمرًا جنونيًا، خاصة وإنها ليست عادية، ولكنها الأقوى من بين الشخصيات التي تجتمع في مقرجنوة، فهي أمراة شرسة قاسية وصارمة، لا تعرف الرحمة، حيث قضت طفولتها وسط معسكرات الإعتقال والقتال، كما هاجرت مع عائلتها إلى فلسطين قبل حرب 48 ثم قتل والدها في منطقة الفالوجا، أي أن جميع مصاعب الحياة تعيشها، ثم التحقت بالجيش الإسرائيلي وتدرجت في العديد من المناصب حتى وصلت إلى رتبة ضابط بالمخابرات الإسرائيلية.
لم يعلم ضابط المخابرات نفسه لما اختار سارة تحديدًا، ولكن ربما كانت غريزته التي نشأت مع خبرة طويلة، ونجح في العثور على ثغرة حيث أطلق رجاله خلفها، كانت الثغرة هي صديقها ميخائيل بوروسكى الشاب اليهودي المهاجر وهو من أصل بولندى جذبها إليه بعيناه الزرقاوات وابتسامته الهادئة حتى وقعت في حبه، وراقبته لمدة شهر كامل لتتأكد من إخلاصه، ثم لم يفترقا أبدًا بعد ذلك.
أكتشف رجال المخابرات المصرية أمر هام، هو أن صديقها ميخائيل جاسوس سوفيتى، واستغل الضابط رفعت جبريل هذه الثغرة فى تنفيذ خطته والتي تعتبر الاولى في تاريخ المخابرات.
عقب ذلك انطلق الضابط نحو باريس، وهناك كانت سارة تقضي اجازتها مع حبيبها بوروسكى، وفي إحدى الليالي عادت لغرفتها، ووجدت أمامها ضابط المخابرات، وهو جالس أمامها يبتسم، وقال لها بالعبرية، مساء الخير ياسارة انامن المخابرات العامة المصرية.
المفاجأة كانت كبيرة وصادمة لسارة، خاصة في ظل إعلان الضابط عن نفسه وكشفه عن عمله بهذه الصراحة الكبيرة، حيث نزل هذا الموقف عليها مثل الصاعقة، وتجمدت في مكانها، وقال لها عندي أشياء تهمك رؤيتها، وأعطى لها ملف يحتوى على صور ووثائق وأفلام تؤكد أن صديقها عميل للمخابرات السوفيتية.
وحينما تخيلت سارة تاريخها المهني ينهار فوق رأسها، حتى جلست على أقرب مقعد، وهمس إليها قائلا لكل شيء حل، ولم تحتاج إلى فهم الباقي فهي كمحترفه تعلم ما عليها فعله.
في الإجتماع التالي، والذي انعقد في مقرجنوة، حضرت سارة وكانت أول الحاضرين وهي في كامل حماسها، وقبل أن تنصرف وضعت القرص الأسود فى المكان الذي حدده لها الضابط بالضبط.
وفي منتصف الشتاء من عام 1973، قال مدير المخابرات المصرية لـ السادات، تم تنفيذ المهمة بنجاح، صرنا نسمع دبيب النملة في مقر جنوة، ثم جاءت حرب أكتوبر لتعلن النجاح الكبير لهذه العملية حيث أطلقت عليها المخابرات المصرية الأذن الخفية.