عماد نويجى
بشائر النصر 1
يبدو ان صناعة التاريخ ورواية ما حدث عام 1973 على الجيل الجديد لاتزال مهمة لا يمكن تركها في يد من
لا يمكنهم استيعاب أهمية التاريخ وتأثيره ولا من وقعوا أسرى للتنظيم الإعلامي التلفزيوني الأسبق .. الأجوف الذى
يختصر كل الأحداث الهامة ويتجاهلها أحيانا أخرى
كانت حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر تختلف تماما عن الجولات الثلاثة
السابقة بين مصر وإسرائيل (1948-1956-1967) حيث كانت القوات المسلحة المصرية تجد نفسها مدفوعة إلى قتال مع العدو الإسرائيلي دون إعداد أو تخطيط،
وإنما تنفيذاً لقرار سياسي لا يتوافق مع قدرة وكفاءة القوات المسلحة. فكان الطبيعي أن تنتصر إسرائيل في
الجولات الثلاثة. لكن الموقف اختلف تماماً في حربي الاستنزاف وأكتوبر73 بما سمح بظهور قدرة القوات
المسلحة. وهذا سيجعلنا نستعرض الصورة بشكل أكبر بما يوضح دور المقاتل المصري في مختلف
الأسلحة (مشاة – بحرية – صاعقة – مهندسين …الخ) في كافة المواقع وعلى مدار سنوات امتدت
من يونيو67 وحتى أكتوبر1973.
كان هناك كثير من المشاكل الضخمة والمعقدة أمام المخطط المصرى التى يجب حلها كي تنجح عملية الهجوم،
فإن عبور قناة السويس كمانع مائي وخلفه خط بارليف بخمسة فرق مشاة بالمواجهة كان أمر يبدو شبه مستحيل،
وقد قال موشي ديان ودافيد اليعازر وحاييم بارليف عن أن عبور القوات المصرية يستحيل
التفكير فيه وانه إذا حدث فسيكون مقبرة للمصريين.
أول هذه المشاكل التي كانت تواجه التخطيط المصري، هو قناة السويس كمانع مائي يعتبر من أصعب الموانع
المائية في العالم. يتراوح عرض قناة السويس 180 –220 متر ومن خصائصها التي تجعلها بالغة الصعوبة
أن الشاطئ شديد الانحدار مغطي بستائر أسمنتية تمنع نزول وصعود المركبات البرمائية إلا بعد عمل
تجهيزات هندسية خاصة.. كما تتميز القناة بظاهرة المد والجزر فيبلغ الفرق في شمال القناة 60 سم بين
أعلي مد وأقل جزر أما في الجنوب فيصل إلى 2 متر، وهذا الفرق يستلزم تجهيزات كثيرة وأعمال فنية خاصة
لإقامة الكباري وإنشاء المعديات.. وتزداد صعوبة القناة باختلاف سرعة تيار الماء فيها، ففي القطاع الشمالي
تصل سرعة التيار إلى 18 متر/الدقيقة أما في الجنوب فتصل إلى 90متر/دقيقة وعلاوة علي ذلك يتغير اتجاه
التيار كل 6 ساعات من الشمال إلى الجنوب وبالعكس.
ثم أن العدو أضاف عقبة أخرى هي خط بارليف، فأصبح له في شرق القناة منطقة دفاعية حصينة من بور فؤاد
شمالا وحتى رأس مسلة جنوبا تحوي في داخلها قوات مدرعة ومشاة ميكانيكية ومدفعية ودفاع جوي
في تحصينات هندسية محاطة بحقول ألغام وحولها مستودعات وقود وذخيرة ومراكز قيادة وسيطرة ويخدم
كل هذا شبكة كبيرة من الطرق الطولية والعرضية وتستند علي موانع طبيعية في الغرب والشمال والجنوب )قناة السويس- البحر الأبيض – جبال جنوب سيناء والبحر الأحمر)