كتب : عماد نويجى
كانت المشكلة الثانية هى الساتر الترابى …
الساتر الترابى عبارة عن جبل من الرمال والأتربة ويمتد بطول قناة السويس فى نحو 160 كيلومتر
من بورسعيد شمالا وحتى السويس جنوبا ويتركز على الضفة الشرقية للقناة، وهذا الجبل الترابى كان من
اكبر العقبات التى واجهت القوات الحربية المصرية فى عملية العبور إلى سيناء خصوصا أن خط بارليف قد
أنشى بزاوية قدرها 80° درجة لكى يستحيل معها عبور السيارات والمدرعات وناقلات الجنود إضافة إلى
كهربة هذا الجبل الضخم.. ولكن بالعزم والمثابرة مع الذكاء وسرعة التصرف استطاع الضابط باقى زكى من
من الفرقة 19 مشاه جاء باقتراح لإزالة الساتر الترابي بطريقة مبتكرة، ليست القنبلة الذرية كما قال السوفيت وإنما بواسطة طلمبة المياه من خبرة هذا المهندس المصري في أثناء عمله بالسد العالي
وقد نوقشت من قبل عدة أفكار لإزالة هذا الجبل الترابى هل يمكن إزالته
بواسطة قصف مدفعى أو بواسطة صواريخ او تفجير أجزاء منه بواسطة الديناميت
..
جاءته فكرة أن نستخدم طلمبة مياه توضع فوق عائمة تحملها في مياه القناة، ومن الطلمبة تندفع المياه من خلال مدفع مائي تحت ضغط عالي يصوب نحو الساتر الترابي فتنهال الأتربة والرمال وينجرف الساتر إلى قاع القناة.. وكان التخطيط يتطلب فتح 85 ممر
في الساتر الترابي ، وفتح كل ممر يستلزم إزالة 1500 متر مكعب من الأتربة والرمال، وبالحساب كانت هذه
الطلمبات تستطيع تنفيذ هذا العمل في 4-6 ساعة. وتبلورت هذه الفكرة فى ذهن المقدم باقى وعرضها على الرئيس
الراحل جمال عبد الناصر الذى أمر بتجربتها وفى حالة نجاحها تنفذ فى الحال وقد أجريت تجربة عملية عليها
فى جزيرة البلاح بالاسماعيلية على ساتر ترابى نتج عن أعمال التطهير فى مجرى قناة السويس الملاحى
والذى يشبه إلى حد كبير خط بارليف أو الساتر الترابى وجاءت وفاة عبد الناصر التى حالت دون تنفيذ تلك
الفكرة، وعندما تم الاستعداد للعبور عام 1973 وبعد مناقشات طويلة
ومباحثات استقر رأى الأغلبية من قيادات الجيش على تنفيذ فكرة الضابط باقى زكى يوسف وبعد أن استقر الرأى قام المقدم باقى مع بعض زملائه بتجهيز طلمبات الضغط
العالى التى سوف توضع على عائمات تحملها فى مياه القناة والتى استوردتها وزارة الزراعة زيادة فى التموية ومن عدة دول مختلفة ابرازها المانيا وقد قامت وحدات القوات المسلحة بالتدريب علي منطقة تماثل قناة السويس علي الرياح البحيري قرب مدينة
الخطاطبة.. ولنا أن نتخيل حجم الجهد الذي تم لكي تتدرب 85 وحده من المهندسين علي أعمال فتح ممرات
في الساتر الترابي( مرتان نهارا – مرتان ليلا).. وفي كل مرة يتم إنشاء ساتر ترابي مماثل لخط بارليف ثم
أزالته وفتح الممر، ثم يعاد إنشاؤه مرة أخرى وهكذا بأجمالي 340 مره، وفى كل مره إنشاء
وإزالة 1500 متر مكعب من التراب.
وفى ساعة
الصفر يوم 6 اكتوبر أنطلق القائد باقى زكى يوسف مع جنوده وقاموا بفتح73 ثغرة فى خط بارليف فى زمن
قياسى لا يتعدى ال3 ساعات ، وساعد هذا فى دخول المدرعات المحملة بالجنود والدبابات وكان هذا ضمن
الموجات الأولى لاقتحام سيناء وعبور الجيش المصرى الى الضفة الشرقية لخط القناة وهذا العمل الكبير
ساعد وساهم فى تحقيق النصر السريع والمفاجىء وقد قدرت كميات الرمال والاتربة التى انهارت وأزيلت من
خط بارليف بنحو 2000 متر مكعب وهذا العمل يحتاج إلى نحو 500 رجل يعملون مدة 10 ساعات متواصلة،
جزء من أعظم سيمفونية فى العصر الحديث … يتبع