بين قوسين الحكومة المواطن
بقلم د/وجيه الغبوري
الخبير الاقتصادى
النهاردة، تابعت بتركيز شديد تصريحات رئيس الحكومة، الدكتور مصطفى مدبولي، فيما يخص الوضع الاقتصادي لمصر، وحالة الغليان بسبب موجة زيادات الأسعار.. الراجل عارف ردود الأفعال على الأسعار، وقدم كم كبير من المبررات لعمليات رفع الأسعار اللي بتحصل، واللي هتحصل، وللعلم حسب قواعد الاقتصاد كلها منطقية، وصحيحة اقتصاديًا، كمان الراجل شايف الدولة مُرهقة ماديًا، ومش هينفع تتحمل التكلفة، وعنده خطة إصلاح اقتصادي.. فهنا لعب دور المستثمر، فحمل التكلفة على العميل بين قوسين المواطن، وده شغل سوق صح 100%..
بس الموضوع ما إنتهاش لحد هنا، لأن مفيش خطة اقتصادية تخص السوق.. مفيش برنامج اقتصادي واضح، يعني هبني لحد إمتى وعشان أحقق إيه مثلًا.. لأن الشارع مش عايز مبررات، اللي بالفعل صحيحة، الشارع فيه تراجع في قيمة مدخراته، وارتفاع أسعار 3 أضعاف العالمي، 160% زيادة في الأسعار، في سنة واحده، نقص في السلع والخدمات بسبب زيادة أعداد الضيوف على أرض مصر، فاتورة استيراد بتزيد، وديون بترهق الدولة، وحنت ضهرها، وتجار بتتلاعب بالناس، ووصلوا بتكلفة التحوط، من حاجات محصلتش لأرقام خيالية .. وسوق سوداء ودولار ناقص..
لكن وكالعادة، رئيس الحكومة، تجاهل أهم حاجة، وهي الإجراءات الحمائية، ما أنا مش عايز أخلص بناء البلد من جديد والإصلاح الاقتصادي وأصطدم بمواطنين تحت خط الفقر.. هحمي المواطن بشكل مرحلي إزاي؟! ده سؤال ماجاوبش عليه رئيس الوزراء.. لازم، أحمي المواطن لحد ما أشغل المشروعات الكبيرة اللي عندي، واللي هي موجودة بالفعل، وهتفرق في مستقبل البلد، بس هي أصلًا مش هتشتغل دلوقتي، ومينفعش توقف شغل فيها، بس مينفعش التوسع في مشروعات جديدة دلوقتي لأن ده انتـ حار..
تصريحات رئيس الحكومة، واضح أنها بتفتقد الإجابة على أهم سؤال.. ماذا بعد.. يعني رايحين فين بعد كده؟! يعني هتعمل إنتعاشة لدى المواطن إزاي وإمتى؟! وإمتى أهم من إزاي.. ومتقولش زيادة مرتبات، لأن المواطن بقى عنده نضج كافي، أن أي زيادة دخل يعقبها كارثة زيادة أسعار وتضخم..
لو هنطول لسه في تشغيل المشروعات، فعلى الأقل أفعل آلية الرقابة، مراقبة على الأسواق و الوزارات الخدمية زي التموين والزراعة وياريت الري بالمرة والتضامن والأوقاف والتعليم والصحة.. دول بالتحديد والدولة عارفة ليه، هيوفروا ليك كم كبير من الأموال، كمان ياريت نخفف الرسوم والضرايب المفروضة على المواطن..
مش هينفع تطرد أشقائنا اللاجئين، وعشان القوانين الدولية والمواثيق والعهود، بس على الأقل أقفل البوابة بحجة إنك أكتفيت، وأدور الملف بين أوروبا، والدول العربية، وتعمل مؤتمر دولي هنا، نجمع أموال كتعويض عن دعم مصر أي دولة عندها لاجئين، في ملف اللاجئين، حقك، ومش شحاته.. يعني يا يساعدوك ياتفتح حدودك عليهم.. لأن مفيش إمكانيات تسمح بإحتمال اللاجئين، وأنت كتر خيرك إستحملت 13 سنة، ولسه فارض عليهم ضريبة من 6 شهور مجمعتهاش كلها.. والسوريين أه دخلوا حوالي مليار ونص دولار بس دي تكلفة لا تكافئ التشغيل والاستضافة من 13 سنة، ده غير مؤمرات بره وجوه ..
محتاج دولار، خف أيدك كحكومة عن البورصة، خليها بدون أي ضرايب، ورسم صغير على كل صفقة بيع أوشراء، ولو عايز دولار أكتر ينضخ في البلد.. سيب البورصة 4 سنين من غير رسوم وضرايب..
السوق السوداء، مش حربك ولا خناقتك، لأنها مش هتنتهي وجدورها لسابع أرض، لكن حربك أنك تخلق حالة ثقة بين الجهاز المصرفي والمواطن، تخلي المواطن على الأقل يحط الدولار في ودايع في البنك وشهادات، فيجيبهولك بدل البيت، وأديله فايده كبيرة، حتى لو مش منطقية، ما هو شرا الثقة مش سهل.. أما السوق السوداء فخليك في مناوشات معاها وحاصرها بالقوانين والإجراءات لعل وعسى..
محدش يقدر ينكر أن حكومة الدكتور مدبولي إشتغلت بناء، حتى لو مش في وقته وفق روايات البعض، دي غيرت شكل البلد خالص، وعارفين أنت مستلم البلد عامله إزاي، بس المواطن لايثق بكلمة “حكومة” وده بسبب رصيد مش ولابد للحكومات بتاعت الخطة الخمسية والسبعية، فأنت بتحاسب على فواتيرك وفواتير غيرك، لكن بعيدًا عن كل ده، والبنا… الحكومة حاليًا مطالبة تلعب اقتصاد، شغل تجار يعني، ولو على حساب البنا، مرر اللي حضرتك عايزه بذكاء، يعني مش منطقي أن أول 3 أيام في السنة يحصل كل الارتفاعات دي، طيب قسمها على 3 شهور، كمان إحنا بنكره شهر يناير ويوليو، شهور زيادة الأسعار الرئيسية، فبلاش تصطاد بينهم.. إتعلمنا في الاقتصاد، فيه عصا وبرده فيه جزره.. وفيه إجراءات حمائية.. وده مش معناه أن حد يقلل من أهمية المشروعات ولا كثافتها ولا المجهود الجبار اللي بتقوم بيه الحكومة على فكره، بس المواطن برده ليه طلبات..
الدعم، خراب لأي دولة، ومسكن لكل الأزمات، ولازم يكون مؤقت مهما طالت مدته.. وكل أرقام الحكومة صح، بس برده لا يجوز أنك تسحب الدعم بدون بديل، ولايجوز سحب الدعم في أوقات اقتصاد الحرب بين قوسين التضخم، الدعم مسؤولية مؤقتة، حضرتك أصلًا مطالب بيها في أوقات الأزمات والـ لاسلم.. وأنت عارف أن ذروة الأزمة في مصر في 2024، بالتحديد.. فمينفعش تنسحب وقت الأزمة، وربنا يستر على قرار لجنة تسعير المواد البترولية وتبعد عن السولار..
الحكومة عاملة شغل قوي في الإنسحاب لصالح القطاع الخاص، وعندها برنامج لا نشكك في نزاهتها، لكن برده وأنتي بتهتمي برجال الأعمال إهتمي بالقوى الشرائية، بين قوسين المواطن.. ما هو لو هنمي مجتمع أعمال ومعايا مواطن فقير، يبقى مالهوش لازمة جهدي، لأن ببساطة السوق هيكون ناقص أهم جزء وهو الزبون.. عارفين ان اقتصاديات العالم كله بتنطحن، والأزمات العالمية للركب، بس أنتي حكومة لازم تشيلي.. ومش لازم، ده لو حصل، يكون نهاية عهد الحكومة بالوزارة، الممارسات اللي في السوق والإجراءات اللي بنشوفها..
ده رأي الشارع، بكل توازن، ودورنا ،كا اقتصادين نكون على يمين المواطن نوصل صوته، ونحرص على جرعة وعيه، وعلى يسار السلطة ناصح وكاشف، وده أقصى درجات الدعم.. فيه أولويات دلوقتي، بالمختصر الأولويات هي المواطن.. ده جيشك اللي لا ينبغي أن تفقده، واللي هيقدر ويحافظ على اللي بنيته، إنت محتاج اللي يحافظ ليك على مشروعك.. الناس مش ضد البناء.. ولازم تكمل بناء، بس برده مش مطلوب جيل ولا أتنين يدفعوا كامل الفاتورة، ولو هيدفعوها فمحتاجينها تتقسط.. وزي الدكتور مدبولي ما قال:”كل مواطن بها لديه الحق فى جودة الحياة” .. الشارع طالب جودة معينة، والمواطن هيكون عليه دور، إشركه في عمليات الاصلاح الاقتصادي، حسسه بأهميته، ده ماله وحاله على فكره.. كلنا شركاء
