تصريحات الرئيس ترامب عن السد الأثيوبى وما قد يحمله من تهديد مبطن للدولة المصرية
أ.د. محمد علاء الدين عبد القادر
الأربعاء ٢٥ يونيو ٢٠٢٥
وجهة نظر فى الاتجاه المعاكس خارج الصندوق
إنه ومع سخونة أحداث إيران – إسرائيل أمريكا
من سيناريوهات تبادل الرشقات الصاروخية بحرب مشتعلة بمسرحية هزلية قاربت على إسدال ستارها بين ليلة وضحاها
بعد أن حققت كل من اسرائيل وأمريكا أهدافها من تحييد إيران عن امتلاكها للسلاح النووي
ومع تبادل تهانى النصر ما بين ترامب ونتن ياهو بنجاح عملياتهم العسكرية بتنسيقات ضرباتهم الجوية الموجعة ضد عدد من المواقع النووية الإيرانية وبعض من بنيتها التحتية
وبعد تنسيق أمريكى – ايرانى تقوم إيران بموجبه بنقل المواد المشعة من اليورانيوم المخصب والاحتفاظ به فى مواقع جديدة أخرى بعيدة عن مواقعها النووية محل الاستهداف
تجنبا لأى تسرب إشعاعى يضر بطهران .. وبدول الخليج المحيطة بها .. وبمياه الخليج العربى .. تحسبا لاستهداف أمريكا بضرب المواقع النووية الإيرانية بهجوم مركز لمنع إيران من مواصلة سعيها نحو امتلاكها القنبلة النووية
مع تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز باعتبار أن ذلك الأمر يمثل تهديدا لدول المنطقة وأمن الطاقة العالمى
ومع انشغال العالم بمتابعة ما يحدث وما تبثة القنوات الفضائية ليل نهار مع حبكات درامية .. ومقاطع من الإثارة والتشويق بترقب الرشقات الصاروخية المتبادلة ما بين إيران وإسرائيل وتوقيتاتها .. ومشاهدة أثار الخراب والدمار على الجانبين لضمان تحييد إيران من امتلاكها للسلاح النووى
ذلك على الرغم من تغاضى المجتمع الدولى عن المنشآت والأسلحة والقنابل النووية لدولة الكيان بموقع مفاعل ديمونه وملحقاته
وفيما تدعو له وتحذر منه مصر دائما من أهمية أن يكون الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية
إلا أنه ومع زخم وسرعة تواتر عدد من الأحداث الاقليمية والعالمية بحروبها الجارية ما بين روسيا وأوكرانيا من ناحية ، وما بين إسرائيل أمريكا – وإيران من ناحية أخرى
ومع انشغال العالم على مدار الساعة واليوم بتطور أحداثها
وإذ فجأة دونما مقدمات
يطل علينا الرئيس ترامب على شاشات التلفاز بتغريدتة الترامبية مصحوبة بموسيقتها التصويرية وترانيمها من الود والشجن
بتصريح عالمى مفاجىء عن مشروع سد النهضة الأثيوبى وتداعياته الخطيرة على مصر
أعلنها الرئيس ترامب فجأة عن قصد وهو يدرك جيدا مغزى رسالته فيما تحمله بين طياتها من لغز مبهم يحتاج لخبراء لفك شفرته وتحليل شخصيته
فقد صرح ترامب [ أن أمريكا هى من قامت بهذا التمويل الغبى لانشاء سد النهضة الأثيوبى ] وذلك وفقا لما صرح به لوسائل الإعلام العالمية
وبوجه عام – إذا صدق وأن صحت مقولته هذه التى تفاجأ بها العالم – فهذا يعتبر تمويل ذكى جدااا محدد الغايات من وجهة نظر أمريكا المبطنة لأهداف بعينها يمكن لها من توظيفها مستقبلا [ وليس بتمويل غبى كما أدعى ترامب بتصريحه بأن أمريكا قد قدمت تمويلا غبى للسد ]
يكفى أنه يمكن أن يمنح أمريكا حق الوصاية ومسؤليتها عن حماية سد النهضة الأثيوبى والدفاع عنه ضد أى أعتداء قد يقع علية سواء من قبل مصر أو من غيرها
ذللك كما لو كان هذا الاعتداء المزمع على السد مثل أى قاعدة عسكرية أمريكية فى أى دولة إذا ما تم الاعتداء عليها فيكون لأمريكا حق الرد
وهى ” رسالة مبطنة من ترامب ” إلى الدولة المصرية ” بما يتطلب العمل على فك شفرتها ”
خاصة فى توقيت إعلانها من قبل ترامب بالأمس القريب بعد أن قارب السد الأثيوبى على الإنتهاء من تشييده أو ربما أن تم الإنتهاء منه كليا وأصبح أمرا واقعيا مفعولا به
فعلى الرغم من أن المعلن عنه منذ سنوات مضت مع بداية تدشين مشروع هذا السد
أن هناك أسماء دول بعينها تواتر ذكرها على صفحات الميديا بمسمياتها تشمل الصين وأسبانيا وإيطاليا وربما دول أخرى هى التى تقوم بتمويل إنشاء السد الأثيوبى
ولم يذكز مطلقا منذ بداية العمل على إنشاء السد الأثيوبى أن ذكر اسم ” أمريكا ” من ضمن قائمة الدول المشاركة فى تمويل إنشاء السد مع بداية تدشينة منذ سنوات مضت
ذلك حتى الأمس القريب حيث تصريح الرئيس ترامب المفاجىء – وليس بالعشوائى – أن أمريكا قد قامت بتمويل السد الأثيوبى
إلا إذا كان هناك – أمرا ما – أو لغزا محيرا .. أو مستهدف ما .. من وراء ذلك التصربح .. يحتفظ به ترامب لنفسه .. حتى يدعم موقفه بحق الرد على أى اعتداء يوجه ألى السد
جدير بالذكر ومنذ بدايات تدشين السد الأثيوبى منذ سنوات مضت أن قام السفير حمدى لوزة مساعد وزير الخارحية المصرى للشئون الأفريقية بطلب الاجتماع مع سفراء كل من الصين أسبانيا إيطاليا المعتمدين فى مصر
ذلك لحثهم على أن تتوقف دولهم عن تمويل إنشاء هذا السد
والأن تتجلى الخدعة الترامبية بتصريحة المفاجىء عن مشاركة أمريكا فى تمويل السد الأثيوبى بما أن يمكنه مستقبلا من أن يقوم بتوظيف هذا التمويل كحجة أو مبررا لصبغ الوصاية الأمريكية على السد الأثيوبى وحمايته من أى تهديد وجودى سواء من مصر أو غيرها مع احتفاظ أمريكا بحق الرد
وأن هذا التصريح اللغز قد يتضمن فى جوهرة تحذيراااا مبطنا بلغة الدبلوماسية موجها بصورة غير مباشرة إلى الدولة المصرية
وبتحليل الموقف العام فقد يكون مضمونه فيما يلوح به ترامب بتصريحه الدبلوماسي المبطن هذا .. وربما أن يعنى فى سياقه العام :
أنه حذاري حذارى من اقتراب مصر أو تفكيرها بضرب سد النهضة الأثيوبى خاصة مع قرب الإنتهاء من تدشين مرحلته الأخيرة ]
حيث أن السد الأثيوبى بالنسبة لأمريكا الأن .. بعد تصريح ترامب .. أن مستوى التعامل معه كما فى دفاعها عن أى من القواعد العسكرية الأمريكية المتواجدة على أرض أى دولة من دول العالم
ويتصق ذلك مع تعنت الجانب الاثيوبى من التوقيع على أتفاق قانونى ملزم لحفظ حقوق مصر والسودان المائية
حيث يعنى تصريح ترامب الموجه إلى القاصى والدانى وإلى من يهمه الأمر :
– أن سد النهصة هو سد أثيوبى الجنسية حيث الأرض والمنشأ وهو سد أمريكى التمويل [ حيث الوصاية والحماية وحق الدفاع عنه ]
وبالتالى فإن أمريكا وبتصريحها المفاجىء هذا عن قصد وبكل وضوح من قيامها بتمويل إنشاء السد الأثيوبى
إذن فهى أمام العالم هى المسؤله عن توفير الحماية لهذا السد الأثيوبى من أى تهديد بضربه من أى جهة خاصة من مصر المتضرر الرئيسى مع السودان باعتبارهما دول المصب
وفيما تناولة ترامب فى حديثه لوسائل الإعلام من أن مصر تعانى من شح مائى بسبب السد الأثيوبى
وعليه فكل الحيطة والحذر من قبل الدولة المصرية من :
– خدع ترامب بذكاءه المتقد ونظرته الثاقبة للأمور
– والحذر من تصريحاته الملغمة والحاجة لفك شفرة رموزها
– والحذر كل الحذر من مطباطه الهوائية
– ومن مفاجاءاته المدمرة
– ومن أفعاله عكس ما يصرح به
كل ذلك ليس سلوكا ترامبيا عشوائيا كما يعتقد البعض
بل أنه رجل الصفقات الملهم الذكى البارع المبدع دائما يسعى لتحقيق كل ما يريد بكل السبل الممكنة على ترابيزة المفاوضات أو مباشرة دون قيود حتى الوصول إلى حافة الهاوية .. شعارة أمريكا أولا
وبوجه عام وفى ضوء تعقد وتداخل كافة السيناريوهات
فإن الدولة المصرية قادرة رغم كافة الضغوط والتحديات
على حماية أمنها المائى بكافة السبل والتدابير
وأن أمنها القومى وحياة شعبها خط أحمر بكل لغات العالم
حفظ الله مصر بقيادتها الرشيدة وجيشها الأبى وشعبها الكريم الأصيل
من كل سوء ومن حقد الحاقدين ومن تربص المتربصين وأن يكون تدميرهم فى تدبيرهم إلى يوم الدين
أ.د. محمد علاء الدين عبد القادر