ظاهرة العنف ” البلطجة ” داخل المدارس “تهدم أمة”؟!
احمد المطعني
عند الحديث عن ظاهرة العنف ” البلطجة ” داخل المدارس فإننا نشير إلى مفهوم أوسع وأكثر خطورة من مجرد “التنمر”.
التنمر يركز على سلوك عدواني متكرر بين أقران غالبًا ما يكون فيه اختلال في القوة، بينما “البلطجة” قد تتضمن مستويات أعلى من العنف، التهديد، وحتى السلوك الإجرامي المنظم أو شبه المنظم داخل البيئة المدرسية، وقد يشمل ذلك طلابًا يمارسون سلطة غير مشروعة، أو حتى تدخلات خارجية من أفراد خارج المدرسة يؤثرون على أمنها.
الفرق بين “التنمر” و “البلطجة” في سياق المدارس
* التنمر (Bullying):
* الطبيعة: سلوك عدواني متكرر.
* الأطراف: غالبًا ما يكون بين الطلاب، حيث يمارس طالب أو مجموعة قوة على طالب أضعف.
* الأهداف: السيطرة، الإيذاء اللفظي/الجسدي/النفسي/الاجتماعي/الإلكتروني.
* المستوى: عادة ما يكون ضمن إطار تفاعلات الطلاب اليومية.
* البلطجة (Thuggery/Hooliganism/Gang-related violence):
* الطبيعة: سلوك أكثر عنفًا، قد يشمل استخدام القوة البدنية المفرطة، التهديد، الابتزاز، أو حتى الأسلحة (في بعض الحالات).
* الأطراف: قد تكون بين طلاب، أو طلاب ضد معلمين/إدارة، أو أفراد من خارج المدرسة يقتحمونها لفرض سيطرتهم أو ارتكاب أعمال عنف.
* الأهداف: السيطرة الإجرامية، فرض النفوذ بالقوة، تحقيق مكاسب غير مشروعة (مثل الابتزاز)، أو مجرد نشر الفوضى والرعب.
* المستوى: قد يتجاوز السلوك الفردي ليصبح سلوكًا جماعيًا منظمًا (عصابات طلابية) أو يؤثر على أمن المدرسة ككل.
مظاهر ظاهرة البلطجة في المدارس
* العنف الجسدي الشديد: استخدام الضرب المبرح، الأسلحة البيضاء (سكاكين، عصي)، أو أي أدوات أخرى لإيذاء الآخرين.
* التهديد والترهيب: استخدام التهديدات اللفظية أو الجسدية لفرض السيطرة أو الحصول على أموال أو ممتلكات (ابتزاز).
* تكوين العصابات: مجموعات من الطلاب تفرض سيطرتها على مناطق معينة داخل المدرسة، وتتصارع فيما بينها، أو ترهب باقي الطلاب.
* الاعتداء على الممتلكات: تخريب الممتلكات المدرسية (الفصول، المقاعد، الجدران) أو ممتلكات الطلاب والمعلمين.
* التعدي على المعلمين والإدارة: قد يصل الأمر إلى الاعتداء الجسدي أو اللفظي على المعلمين والإداريين، مما يقوض سلطة المدرسة.
* تعاطي المخدرات داخل المدرسة: بعض أشكال البلطجة قد ترتبط بانتشار تعاطي المخدرات أو الممارسات غير المشروعة داخل الحرم المدرسي.
* التسلل من الخارج: دخول أفراد من خارج المدرسة، وغالبًا ما يكونون من البالغين أو المراهقين الأكبر سنًا، لفرض سيطرتهم أو القيام بأعمال عنف.
أسباب تفاقم ظاهرة البلطجة
بالإضافة إلى الأسباب العامة للتنمر التي ذكرت سابقًا، تبرز أسباب أخرى لتفاقم البلطجة:
* ضعف سلطة المدرسة: إذا كانت إدارة المدرسة غير قادرة على فرض النظام أو تطبيق العقوبات بصرامة وعدالة، فإن ذلك يشجع المتنمرين والبلطجية.
* غياب الإشراف الأمني: نقص أفراد الأمن أو ضعف كفاءتهم في المدارس يترك الباب مفتوحًا لمثل هذه السلوكيات.
* تأثير البيئة الخارجية: انتشار العنف والبلطجة في المجتمع المحيط بالمدرسة ينعكس على سلوك الطلاب.
* غياب الرادع القانوني: الشعور بالإفلات من العقاب يعزز السلوكيات العدوانية.
* الدعم من أولياء الأمور (في بعض الحالات): بعض أولياء الأمور قد يدعمون سلوك أبنائهم العدواني أو يتعدون هم أنفسهم على المعلمين، مما يرسخ فكرة الإفلات من العقاب.
* الفقر والتهميش: في بعض المناطق، قد يكون هناك ارتباط بين الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة وانتشار السلوكيات العدوانية كشكل من أشكال التعبير عن الإحباط.
* انعدام الأنشطة البديلة: نقص الأنشطة المدرسية الجذابة التي تستوعب طاقة الطلاب وتوجيهها بشكل إيجابي.
سبل مواجهة البلطجة داخل المدارس
تتطلب مواجهة البلطجة جهودًا أكثر صرامة وتنسيقًا من مجرد التعامل مع التنمر:
* تعزيز الأمن المدرسي:
* زيادة أفراد الأمن المدربين.
* تركيب كاميرات مراقبة في الأماكن الحيوية.
* ضبط مداخل ومخارج المدرسة لمنع تسلل الغرباء.
* تفتيش دوري للحقائب (بما يتماشى مع اللوائح والقوانين).
* تطبيق سياسات صارمة:
* وضع لوائح واضحة وصارمة للعقوبات المرتبطة بسلوكيات البلطجة، وعدم التهاون في تطبيقها.
* التعامل بحزم مع أي اعتداء على الممتلكات أو الأفراد.
* التعاون مع الجهات الأمنية:
* في الحالات الخطيرة، يجب إبلاغ الشرطة والتعاون معها لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
* تبادل المعلومات مع الجهات المعنية للتعامل مع العصابات أو الأفراد الخطرين.
* برامج التوعية والوقاية المكثفة:
* ورش عمل مكثفة للطلاب حول مخاطر العنف والبلطجة، وتعزيز القيم الإيجابية.
* برامج لتنمية مهارات حل النزاعات بطرق سلمية.
* تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب المعرضين لخطر الانحراف.
* إعادة تأهيل المتورطين:
* تقديم برامج إعادة تأهيل للطلاب الذين يمارسون البلطجة، بالتعاون مع الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، لمعالجة الأسباب الكامنة وراء سلوكهم.
* تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي والنفسي:
* زيادة عدد الأخصائيين المؤهلين في المدارس وتفعيل دورهم في رصد المشكلات والتدخل المبكر.
* المشاركة المجتمعية:
* تعزيز دور المجتمع المحلي وأولياء الأمور في دعم جهود المدرسة لمكافحة البلطجة.
* عقد لقاءات وورش عمل مع أولياء الأمور لتوعيتهم بدورهم في متابعة أبنائهم والتعاون مع المدرسة.
* توفير الأنشطة البديلة:
* توفير أنشطة رياضية، فنية، وثقافية متنوعة لاستيعاب طاقات الطلاب وتوجيهها نحو ما هو إيجابي وبناء.
ظاهرة البلطجة تهدد جوهر العملية التعليمية وتخلق بيئة من الخوف وعدم الأمان.
لذا، يتطلب التعامل معها استراتيجية متكاملة تشمل الوقاية، التدخل الحازم، الدعم النفسي، والتعاون بين جميع الأطراف المعنية.