عبقرية مصرية.. حفرت بحروف نور فى ملحمة اكتوبر الخالدة
بقلم/ نجاح حجازي
نتناول عبر الكلمات التالية .. تغريدة نورانية وخالدة في عشق مصر..سطرها ابنها العبقري كعادته علي مر العصور واختلاف الأزمنه .
نسرد حقائق من القوي العبقرية المصرية في معركة اكتوبر الخالدة والتي شهدت على قدرة المصري الابتكارية اللامحدودة، كعادته؛ سبق عصره فى تلك الفترة العصيبة من تاريخ مصر ،عندما أدرك أن قوة الجيوش والدول لا تكمن فقط فيما تمتلكه من أسلحة و أموال، وإنما بقدراتها على دعم الابتكار والعلم لخدمة الأداء ..خاصة؛ الأداء الوطنى والعسكرى لذلك تم البحث عن تلك الوجوه العبقرية بفكرها الجديد ،الخلاق ؛من بين أصغر جندى الي اعلي رتبة عسكرية او باحث مبتدأ بجامعة مصرية وبكل مكان من ربوع مصر الارض القدسية المباركة.
فابدعت هذه الوجوة
في ملحمة اكتوبر العظيم داخل منظومة من العمل الجماعي والالتحام بين القائد والضابط والجندى فى خندق واحد،
واخرج لنا هذا الالتحام تلك الاقتراحات والابداعات العديدة لتذليل عقبات المعركة وتم الأخذ بها ودراستها وتنفيذها .
ولولا تلك الوجوه المصرية وأفكارها الخلاقة والمبدعة ما تحقق النصر بهذه الروعة ولولا الإيمان بهم وبقدراتهم والاستماع إليهم ما رأت تلك الأفكار النور وما اكتمل العبور بهذه الروعة وهو درس من دروس أكتوبر التى يجب أن نتعلمها جميعا في كل جوانب حياتنا.
ونبدأ مع العبقرى اللواء أركان حرب المهندس “باقى زكى يوسف ” الذى قام بحل أحد المعضلات الكبرى فى عملية اقتحام خط بارليف متمثلا حينها فى كيفية فتح ثغرات فى الرمال والأتربة التى لا تؤثر فيها الصواريخ وقنابل المدفعية لعبور ناقلات الجنود والمدرعات والدبابات إلى سيناء، وكانت فكرته هى فتح الثغرات المطلوبة فى السد الترابى بواسطة “خراطيم المياه القوية” وقد قال الخبراء السوفيت وقتها إن تدمير الخط يحتاج الى قنبلة نووية وقالوا إن اقتحام الساتر الترابى لقناة السويس وإقامة كبارى للعبور لابد أن تستغرق 48 ساعة لدى القوات التى تتمتع بأقصى كفاءة عسكرية ولديها المعدات التكنولوجية الحديثة، لكن العبقرية الهندسية المصرية لذلك الرجل والذي بحث وطور الفكرة اختصرت هذا الزمن إلى 5 ساعات فقط بعد أكثر من 300 تجربة عملية وعلمية.
الوجه العبقرى الآخر الضابط “ابراهيم شكيب” الذى واجه معضلة عبور القناة بسبب “مواسير النابالم” أو أنابيب جهنم، التى خبأتها اسرائيل تحت سطح الأرض على جانب قناة السويس، ويسع كل منها 200 طن من النابالم والجازولين، وفى حالة اشتعالها سرعان ما تجعل من سطح الماء أتونًا طافيًا، تندلع منه ألسنة اللهب إلى ارتفاع متر، وترتفع درجة الحرارة إلى 700 درجة لتحرق القوارب والدبابات البرمائية وهو ما يجعل العبور مستحيلا وكانت الاقتراحات أن يتم قصفها بالطائرات، أو تكوين قوة من قوات الصاعقة المصرية تقوم بعملية مباشرة على صهاريج النابالم بطول قناة السويس وتفجرها فى توقيت واحد،
وجاءت الفكرة العبقرية من البطل ابراهيم شكيب وهى “سد فتحات تلك الأنابيب القادمة من الصهاريج” وتتولى مجموعة من قوات الضفادع البشرية إغلاق تلك الفتحات بمادة لا تتحلل بالمياه وتكون مقاومة أيضًا للنابالم، ويكون ذلك في ليلة الهجوم العسكرى، لكى لا يتم اكتشافها من قبل قوات العدو.
وظهر عبقرى آخر الرائد المهندس/ “أحمد مأمون” الذى استطاع فى فترة وجيزة اختراع مادة تتجمد فى مياه القناة، وأعطاها إلى قائد القوات البحرية المصرية فى سرية تامة، ثم تم تحويلها إلى الرئيس السادات، ليقرها رسميًا، وتم التكتم عليها، حتى الليلة التى سبقت العبور مباشرة، حين قامت الضفادع البشرية بسد فتحات المواسير، والبالغ عددها 360 فتحة.
وبقت معضلة كبرى فى حرب أكتوبر هى التوصل لطريقة لإبلاغ الأوامر والتعليمات العسكرية، وتبادل المعلومات والإخباريات بين القيادات والضباط دون أن يتم فك شفرتها من قبل العدو الإسرائيلى المتفوق فى التجسس الاليكترونى ويمتلك أحدث الأجهزة الأمريكية بذلك الوقت، وهنا التفت قادة الجيش إلى الفكرة العجيبة الغريبة ولكن بسيطة؛ طرحها أحد الجنود لتبدو وكأنها شبه مستحيلة، بسبب إفراطها فى البساطة بطلها هو الجندى المصرى النوبى “أحمد إدريس” الذى قال لقائده: “اللغة النوبية هى الحل” لتكون هى لغة الإرسال، يحاول العدو فك شفرتها، يجد نفسه أمام لغة بلا أبجدية موثقة أو قاموس مكتوب.
وأبلغ قائده الفكرة لقادته وقالوا له: “هاتوا الصول ده ” وقابله السادات واعتمد فكرته العبقرية التى نجحت نجاحا مبهرا فى تضليل العدو.
أما العبقرى الرابع فهو العالم المصرى “محمود يوسف سعادة”
وقام بدورا مهما قبل بداية المعركة بشهور قليلة حيث ظهرت مشكلة كبرى تهدد قيام الحرب، وهى انتهاء صلاحية الوقود الخاص بصواريخ الدفاع الجوى “الروسية الصنع” والسوفيت امتنعوا عن تزويدنا به ردا على قرار السادات بطرد الخبراء الروس ومعلوم أن هذا السلاح يقع عليه العاتق الأكبر فى حماية سماء مصر من الطيران الإسرائيلى.
وكان من الممكن توقف المعركة لكن ابن مصر العبقرى العالم محمود يوسف سعادة نجح فى التوصل مع المسئولين فى معامل الجيش إلى الحل السحرى الذى أبهر السادات، وقرر بعده اتخاذ قرار الحرب، وتحديد موعدها بدقة، فقد أبلغه قائد كبير بالجيش أن المشكلة انتهت، ويمكن توافر الوقود اللازم خلال أيام، من خلال تكوين الوقود من نفس العناصر المستخدمة فيه والتى لم تنتهِ صلاحيتها بعد، والاستعانة بالمواد الخام المتوافر مثلها فى مصر لإعادة تصنيعه من جديد وهو ما حدث.
ومع كل ماسبق ،كانت الخطة العملية العسكرية لعبور القناة متضمنة لأبحاثا عديدة لعباقرة فى علوم كثيرة منها ابتكار أنواع من الكبارى صناعة مصرية، تقوم بحملها شاحنات ماركة نصر، وابتكار ستائر عائمة لحماية الكبارى من الألغام، وقاموا بابتكار وصناعة مادة الفلين لكى تحتفظ الكبارى بطفوها فوق سطح الماء، رغم ما يصيبها من قنابل طائرات العدو.
وكان ايضا ل علماء الفلك والظواهر الطبيعية المصريون دورا مهما لدراسة حالة الجو والمد والجزر وحركة الرمال والقمر فوق القناة وسيناء طوال العام لتحديد أنسب الأوقات للهجوم والقتال وكذلك العلوم الجيولوجية والعلوم الهندسية والتكنولوجية الحديثة.
وهكذا مارست القيادة العسكرية أثناء الإعداد للحرب فكرا تجريبيا خلاقا، يبحث عن الابتكار المصرى من خلال العديد من التجارب، واعتمدت ليس فقط على جهد العسكريين المصريين بل على فكرهم ومعارفهم وعلومهم وخبراتهم بالإضافة إلى جهد العشرات من عمالقة المهندسين فى كل الجامعات المصرية.