بقلم/ وفاء مصطفى
عندما تبدو قوياً من الخارج … هشا من الداخل
سبق وتحدثت عن تاريخ الصين… وما
تميزت به من حضاره عريقه … جعلتها
أكثر تفوقا علي معاصريها … لكن عندما
أراد الصينيون القدامى أن يعيشوا فى
أمان، بنوا سور الصين العظيم لاعتقادهم
بأن لا أحد سيستطيع تسلُّق علوه الشاهق…
لكن خلال المائة سنة الأولى التى أعقبت
بناء السور تعرضَّت الصين للغزو ثلاث
مرات، دون حاجة لتسلُّق أو اختراق
السور، إذ كان الغزاة يكتفون بدفع
الرشوة للحّراس الذين كانوا يفتحون لهم
الأبواب فيدخلون دون عناء …
الطريف في الأمر … أن الصينيين
انشغلوا ببناء السور العظيم ونسوا بناء الحارس…
يقابل ويماثل تلك التجربة الصينية
القديمة ما تمارسه أنظمة الحكم العربية
فى أزمنتنا الحاليه: إنها تصرف سنويا
البلايين من الدولارات لشراء الأسلحة
وتكديسها حتى تصدأ، ولاستيراد بضائع
الترف والتسلية والعبث على حساب
التنمية الاقتصادية الذاتية بينما تبخل
وتتراجع بشأن كل ما يبنى الإنسان من
تعليم وصحة وثقافة وحماية اجتماعية
ودعم لبيئة الفكر والإبداع فى مجتمعاتها.
قضية الأمن العربى لن تحل إلا من خلال
بناء الإنسان الحارس العربى، وليس من
خلال بناء أسوار الجيوش وتوقيع
معاهدات الصداقة والحماية مع الأجنبى والتنسيق الأمنى مع هذه الجهة
الاستخبارية أو تلك.
من أجل بناء ذلك الإنسان لابدّ من وجود
بناة مهيّئين وقادرين بالفعل وفى الواقع
للقيام بتلك المهمّة .. حتي لا تبدو قوياً من الخارج هشا ضعيفا
من الداخل …