عندما تتحول الوطنية إلى تهمة
بقلم عبير مدين
الزمان،،،، شتاء فبراير ٢٠١١
المكان،،،، مدينتي شبين الكوم وتحديدا المؤسسة العلاجية التي أعمل بها
حالة الانفلات الأمني التي سيطرت على الدولة ألقت بظلال داكنة وثقيلة على المجتمع المستقبل مظلم والمظاهرات لا يبدو أنها ستتوقف حتى لو خلال أيام الكثير من الموظفين توقف عن الذهاب إلى العمل إما للخوف من أن يحدث له مكروه وإما لأنه لم يجد وسيلة مواصلات عامة تنقله فكان الزملاء أصحاب المركبات الخاصة ينقلون باقي الزملاء لأقرب مكان لسكنهم في المدن والقرى المجاورة
ولأننا منشأة علاجية كنا أمام مشكلة كبرى إما أن يكون لدينا رحمة وإما أن نبقى في منازلنا خوفا على حياتنا إلى أن تتضح الصورة.
كان الأمر كالذهاب إلى الجهاد أو التخلف فقرر الكثير منا الجهاد فالمريض لا ذنب له ويحتاج إلى من يمد يد العون له
لم يتوقف التأمين الصحي بالمنوفية يوما عن العمل كنا نذهب إلى عملنا في الصباح ونودع بعضنا البعض نهاية اليوم لم يكن لدينا أمل في الحصول على راتبنا نهاية الشهر فلا حكومة ولا مجلس نواب ولا داخلية
في مثل هذه المواقف تظهر درجة وطنيتك فالوطنية أفعال لا أقوال وهنا أيضا تظهر قدرة سياسة المؤسسة على مواجهة التحديات.
كل شيء سار في مساره الطبيعي كأن المدير على مكتبه كنا نعد البيانات اليومية كما اعتدنا كان الجيش الابيض في مكانه على الجبهة ونحن كإداريين من خلفه نقوم بواجبنا ولم نقصر ولم ننتظر مقابل
حتى انفرجت الأزمة وتولت حكومة تسيير الأعمال وتم صرف رواتبنا والحمد لله
وجاء عام كورونا وثبت الجيش الابيض كعادته في الازمات
ورغم أن الحكومة وقتها أوصت بأن من حق الام إجازة خاصة بأجر كامل إذا كان لديها طفل صغير إلا اني تركت صغيري لأقوم بواجبي الوظيفي دون الحصول على أي مقابل لهذا فكان عملي لوجه الله وحبا في عملي ووطني.
اقول هذا لمن يظنون أن الوطنية هجوم شرس على كل معارض أو مختلف عنه في وجهة النظر الوطنية أفعال لا اقوال وشعارات البعض أكثر وطنية منك والوطن بمؤسساته الأمنية تعلم هذا
الوطن يكفل حرية الرأي والتعبير مالم تدعو لإرهاب أو عصيان أو إفساد نظام وتكدير للسلم العام وأنا كلي ثقة في هذا
وانا بصفتي كاتبة وسياسية مصرية أعلن عن رأي في كافة المنابر الإعلامية بكل حرية ليصل صوتي لكل مسؤول وانقل إليه صوت كل مغلوب على أمره حبا في وطني رغم أني قد لا اكون متضررة من المشكلة التي اكتب عنها.
انا لا ازايد على وطنية أحد كل منا وطني من وجهة نظره انت ترى الأمور بنظارة وردية وانا انبش خلف الفساد لكشفه لما مسؤول وطنيتي ليست تهمة فالفساد كالسرطان مرض خبيث قادر على إسقاط نظام الحكم وما نظام مبارك عنكم ببعيد.
لكن الله ابتلانا بمن لا يفهم.