فكرة التفاؤل المفرط بحد ذاتها مفلسة .
بقلم : نبيل قسطندى قلينى
بعيدا عن السخرية من التنمية البشرية و بعض الشعوذة الحديثة ، فأن فكرة التفاؤل المفرط بحد ذاتها مفلسة تهوي بمعتنقيها الى اسفل الدرك و هم ضاحكون .
افلاس الفكرة يكمن في كونها مضادة لواقع الحياة و الوجود فالحياة عبارة عن صراع من اجل البقاء ، صراع ضد المرض و الحزن و الخوف و الكوارث و الموت
و الفقر و الجهل و الضياع .
اذا حللت اي فعل تقوم به بشكل يومي فهو لا يخرج عن نطاق الصراع .
كل عصارة الفلسفة و الذكاء و الاجتهاد الانساني عبر التاريخ و الى اليوم من علوم وطب و نظم و ادارة ما هي الا محاولات لتحسين الوجود و تقليل شروره و جعل الحياة أقل سوء مما هي عليه أصلا .
التفاؤل المفرط يجعلك تعتقد أن الحياة وردية بطبيعتها و تتخللها بعض لحظات البؤس والمعاناة بينما العكس هو الصحيح .
فيجردك من وسائل المقاومة النفسية و تصير كالأبله وسط غابة موحشة تضن أنها مزينة بالفراشات و العصافير الملونة بينما تحوم حولك الثعابين و تترصدك النمور في كل صوب و حدب .
الاكثر عقلانية أن تتقبل ظلامية الوجود و شروره و تتعامل مع المعناة كحقيقة لا مناص منها ،
و أن تؤمن أيضا أنك قادر على تحسين وضعك داخل هذه الورطة الوجودية و العيش بسلام نسبي ، في نفس الوقت تكون مدركا متوقعا لأسوأ ما يمكن أن يكون ، لأنه فعلا ممكن الحدوث و لا فائدة من انكار ذلك ، مهما وسوس لك تجار الكلام و باعة الوهم في صالونات الدجل و مجلدات الزيف .