فيلم شارع الصحافة
كتبت : الكاتبة المغربية نزهة الإدريسي
متابعة : د عبدالله مباشر رومانيا
هو لمبدعه ومخرجه الدكتور إيهاب طلعت وهو خلاصة لتجربته الصحافية و عمله الميداني في حقلها تنظيرا بمحاضراته التي تهدف ترسيخقيمها بعدد من المنابر الأكاديمية و النقابية ، و ممارسة لخصها في كتابه ( يوميات صحفي في بلاط صاحبة الجلالة ) والذي فرغه في هذاالفيلم ( شارع الصحافة ) مما اعطى لهذا العمل الكثير من المصداقية و الواقعية …
كثيرة هي الأعمال الفنية التي تطرقت لهموم الصحافة لكنها انحسرت في زوايا ضيقة أغلبها معاناة الصحفي و تقييد حريته في تغطيةالأحداث أو الجوانب السلبية التي يتورط فيها بعض الصحافيين كمحاباة بعض رجال المال و السلطة او الفنانين و شخصيات المجتمعالمرموقة للرفع من مستواه المادي او المنصب والمنافسة بين بعضهم من أجل هذه الأغراض كما ورد في الفيلم الشهير ( دموع صاحبة الجلالة)
وغيرها من الأعمال الفنية التي صورت الصحافي اما كضحية او جلاد دون ان تلتفت للدور الاجتماعي والإنساني الذي يؤديه في حياتنا فيجميع تفاصيلها ..
فيلم شارع الصحافة جاء لينصف العمل الصحفي ويضعه في المكانة التي يستحقها ، وبما انه جاء كحصيلة لخبرة رائد في الميدان تقلبعبر مهمات ومناصب كثيرة في الحقل الصحفي ، فقد جاء هذا العمل الفني اكثر مصداقية و واقعية ..
الفيلم كما ذكرنا من تاليف وإخراج الدكتور والكاتب الصحفي ايهاب طلعت و قد شارك ايضا في بطولته متقلدا دورا اتقنه في الحياة وهورئيس التحري الى جانب نخبة من الفنانين من الزمن الجميل على راسهم الفنانة الجميلة آمال رمزي و عدد من الفنانين الشباب اذين اعطواللعمل حيوية و روح العصر، و كان السيناريو والحوار لمحمد شكوكو .
لم يتطرق العمل هذه المرة الى حياة ومعاناة الصحفي الشخصية او تفاعلاته النفسية إزاء الأحداث فحسب لكن انكب اكثر على الأحداثوالظواهر الاجتماعية والسياسية و الاخلاقية التي طرأت على المجتمع المصري والتي اكثرها قاسما مشتركا بين دولنا و مجتمعاتنا العربية .
عرض الأحداث والظواهر كما عايشها بين أفراد شعبه دون مبالغات في التضخيم او التقليل منها او رتوش فني الا ما استوجبته الاتزاماتالأخلاقية لتجنب الصور الإباحية ..
و قد تفنن الدكتور ايهاب طلعت في اختيار ابطال عمله ( شارع الصحافة ) ليفي كل فنان بمتطلبات دوره في الدرب الذي اختير له بشارعالصحافة فابدعت الفنانة القديرة آمال رمزي في دور الفنانة المرموقة التي تدرك جيدا دور الصحفي في حياة اي فنان فما بالك لو كان هذاالصحفي زوجها بل وقد صار رئيس تحرير جريدة !!؟ ابدعت في التعبير عن فرحتها وفخرها وعدت ذلك نجاح لها واضافة لرصيدها منالشهرة والتألق. .
هذا الى جانب زميلتها الفنانة المشهورة التي ادت دورها شيري ممدوح و التي ظلت تعدد مزايا الصحافة ودورها المعرفي والتنويري فيالمجتع في غزل صريح للصحافة نظرا لأهميتها في اسناد الفن و تقوية مواقف وأعمال الفنانين ..
ثم الدورالذي اسنده للفنانة الليبية خدوجة صبري والتي اثارت بشخصيتها وروحها الليبية التي انصهرت مع الروح المصرية لتؤدي بإتقاندور الصحفية الجريئة الباحثة دوما عن السبق الصحفي الشيء الذي شد اهتمام المشاهد وجعله ينتظر منها كل لحظة وبكل مشهد الجديدوالمثير من الأحداث
الى جانب الفنانة عايدة غنيم الشغوفة بعملها والتي تغشاها روح المغامرة ..
الى جانب شخصيات اخرى بمحيط الصحافة ، مصورين او موظفين وعمال مساعدين يساهمون بجد في ادارة دواليب الصحيفة والتي علىرأسها رئيس التحرير الذي اسنده مبدع العمل ايهاب طلعت لفسه واداه بطريقة واقعية تلقائية زادت العمل الكثير من المصداقية والواقعيةخاصة وان العمل يرتكز على احداث حقيقية مرت بحياته العملية و الاجتماعية و التي أعطت هذا العمل الفني صفة توثيقية أيضا ..
فقد تطرق لعدة قضايا و ظواهر عانى ويعاني منها المجتع المصري مثل ظاهرة الإرهاب و تداعياتها النفسية و الاقتصادية والسياسية الىجانب الجريمة المنظمة مثل تجارة المخدرات و تجارة الأعضاء البشرية والتي تستهدف أكثر الأطفال وهذه ظاهرة خطيرة باتت تؤرق المجتمعالمصري كما مجتمعات عربية اخرى . هذا إلى جانب الجرائم الأخلاقية و الجنسية مثل التحرش و زنا المحارم والذي يطرح اشكالية التطرف والمغالاة في التمظهر الديني وما ينتج عنه من ازدواجية في شخصية المتدين ..
والخيانة الزوجية …
ورغم جرأة مبدع العمل في عرض كل هذه القضايا التي تحاط بجدار مكين من الأسلاك الشائكة فقد استطاع الدكتور طلعت ان يتسلل بهاللشاشة ببراعة وخفة دون صدام مع الرقابة او ثقافة المشاهد التي تتحفظ على التصريح في بعض القضايا الحرجة التي تمس حياتهالحميمية ..
وقد كان العمل بمجمله كما صرح مؤلفه و مخرجه الدكتور ايهاب طلعت اهداء لكل العاملين ببلاط صاحبة الجلالة وتنويها بدورهم الهام فىمواجهة قضايا المجتمع والتفاعل معها و الظواهر الطارئة مع المساهمة في تحليلها كما المشاكل التى تواجه الصحفيين سواء منها الرسميةوالقوانين المقيدة لحرية التعبير ونقل الخبر او الميدانية التي تصطدم باصحاب النفوذ او المجموعات الاجرامية والتعديات التي تلحقبالصحفي وهو يقوم بعمله ..
واكد ايضا على ان الفيلم لم يتوقف عند رواية كل هذه القضايا والمشاكل بل هو رسالة أمل وحب وتحفيز للصحفي للقيام بمهمته بصبر وأمانةلما لهذه الوظيفة من قيمة و اعتبارات إنسانية في حياة المجتمعات
نزهة الإدريسي
المملكة المغربية