قصة الجاسوس المصري والمظروف المعتم
كتب: دكتور فوزي الحبال
تشير ملفات المخابرات العامة المصرية أنه في الفترة من عام 1968 نجحت المخابرات الاسرائيلية الموساد في أن يجند منير محمد عبد الغني عيسي مصور صحفي دائم السفر الي الخارج لمراسلة عدد من الصحف والمجلات الاجنبية لامدادها بالاخبار والمعلومات الصحفية عن منطقه الشرق الاوسط وخاصه مصر وترجع ظروف وقوعه في شباك الموساد.
الي بدايات عام 1968 خلال تواجده في روما عاصمة ايطاليا حيث تمكنت فتاه تعمل مع الموساد في التعرف عليه خلال تواجده بأحد الملاهي
الليلية وأصطحبته الي مسكنها في أحد ضواحي روما وقضي معها 3 أيام تمكنت هي خلالها من الحصول علي تفاصيل معلومات عن حياته في مصر وكان اهمها أنه كان يواجه اضطهادا من رئيسه في أحد الصحف المصرية انذاك مما دفعه للعمل كمراسل صحفي متجول وفي أحد الايام قامت بتقديمه الي صديق لها يدعي دري مان هكذا قالت له خلال أرتيادهما لاحد المقاهي في روما وكانت هذه المقابلة التي كانت تبدو مصادفة.
والتي اتضح بعدها أنها كانت مرتبة من قبل بمعرفة الموساد وقدمت له صديقها دري مان علي أنه صحفي كبير في أحد المجلات الايطالية المهتمة بالنشاط السياسي ومناطق التوتر وخاصة أسرائيل، وجيرانها العرب وخاصة مصر، وهي المنطقة المرشحة لحروب دائمة ومستمرة وهكذا تم تسليم الصحفي المصري المتجول الي شخصية أخري تعمل في الحقل الصحفي كما قيل له وقتها أستمرت علاقة منير عبد الغني بهذا الصحفي الايطالي والذي تقابل معه عدة مرات عرف منه أنه في امكانه كصحفي من التعرف علي الانشطة الاقتصادية والسياسية في مصر وخاصة منطقة قناة السويس والتي كانت تعاني في تلك الفترة من كساد أقتصادي بسبب معارك حرب الاستنزاف المستمرة وتهجير السكان الي مدن الدلتا وتوقف جميع الانشطة الاقتصادية بها وفي أحد اللقاءات فاتحه الصحفي الايطالي دري مان بأن له صديق يعمل في منظمة عالمية لمتابعة أثار الحروب التي تنعكس علي المدنيين وأنه يمكن أن يقوم بأجراء التعارف بينهم وأن في ذلك ميزة في العمل والتعاون بينهم وبمقابل ثابت شهريا وعلي الفور رحب منير وتم الاتفاق علي موعد ومكان اللقاء القادم وكان اللقاء في مقهي جروسو بميدان أسبانيا وهي من أكبر مقاهي روما حيث تم التعرف بينهما بواسطة الصحفي الايطالي دري مان والذي أنسحب من اللقاء علي الفور بعد التعارف دار حديث طويل بين منير وبين الشخصية الجديدة التي تعرف عليها في المقهي وتطرق الحديث عن المشاكل التي تواجهها مصر في هذه الفترة بعد هزيمة يونيو67 وخاصة أثار تلك الهزيمة في كل المجالات وكيف كانت تلك الاثار ثقيلة ومدمرة بل ومحطمة لكل نفوس المصريين وفي نهاية اللقاء كانت هذه الشخصية الجديدة التي حسبما أدعت تعمل في منظمة عالمية لمتابعة اثار الحروب في الشرق الاوسط وخاصة بين مصر واسرائيل قد كشف عن وجهه الحقيقي.
أنه أحد ضباط جهاز الموساد الاسرائيلي ويدعي أسحاق رامينا وأنه سيدفع لمنير مرتب شهري قدرة 300 دولار وسيمنحه مكافأة مميزة علي الأعمال الجيدة التي سيقدمها وهكذا وافق منير عبد الغني والذي كانت شخصيتة تنطوي علي الخسة والغدر والخيانة علي خيانة بلاده حسبما أتضح من المعلومات التي تم الحصول عليها في نطاق أسرته وفي نطاق عمله قبل أن يتحول الي مراسل متجول لذلك وافق منير علي عرض ضابط المخابرات الاسرائيلي أسحاق رامينا وطبقا لملف العملية فقد تم تدريب منير علي وسيلة الاتصال السرية بينهما وكانت في الواقع وسيلة مناسبة طبقا لمجال عمل منير فلكونه صحفيا متجولا فقد تم أختيار وسيلة لا تحتوي علي وسيلة تراسل سري من الوسائل المطروقة في العمل السري في هذه الفترة بل وسيلة مناسبة له.
فقد كلف بأن يلتقط الصور التي يطلب منه تصويرها ثم يضع الافلام المصورة دون تحميض في مظروف معتم مخصوص سلمته أياه الموساد بحيث يحضر الي روما ويسلم المظروف المعتم وبه الافلام المصورة ويستلم مكانه مظروفا جديدا والواقع أن تلك الوسيلة الجديدة في التراسل تضمن أمن منير ففي حالة فتح المظروف وتعرضه للضوء فأن الافلام داخله تفسد علي الفور ومن ثم فهي تحمل في طياتها تأمين للجاسوس والذي لو تم القبض عليه وتم فتح المظروف في أي ضوء فأن تلك الافلام ستفسد وتضيع أدلة أدانته
كجاسوس وهكذا يستطيع أن يعاود العمل الكره تلو الكره دون أن يتم القبض عليه.
ونتيجة للمتابعة الدقيقة من المخابرات المصرية لمنير طوال فترة وجوده في مصر وخلال تنقلاته الدائمة والمستمرة وخاصة لمدن قناة السويس رصد تصويره لتنقلات القوات المسلحة وكذا قيامه بتصوير شركات المقاولات المدنيةالتي تقوم بأعمال تعلية الساتر الترابي للضفة الغربية لقناة السويس وكذلك تصوير بعض نقاط المراقبة الدائمة والمستمرة خاصة التي كانت تقع فوق الاشجار العالية أو التباب المرتفعة غرب القناة وقد تم تقييم ودراسة نشاط منير وتقارير الرصد للمتابعة السرية لتحركاته في روما فقد تم رصد مقابلاته مع شخص واحد كل مرة طوال رحلات سفره وتم تصويره في لقاءاته والتي أوضحت أنه في كل مرةيقوم بتسليم مظروفا بشكل معين الي هذا الشخص ويتسلم من ذات الشخص مظروفا أخرا بنفس الشكل من خلال تقارير المتابعة يقين بأهمية الحصول علي هذا المظروف كدليل أدانة وهو ما تم بالفعل عندما صدر قرار ضبطه متلبسا بحيازة صور لمعدات وأسلحة وأنشطة أخري تجرب غرب قناة السويس استعدادا لحرب قريبة مع أسرائيل لتحرير سيناء المحتله أنذاك وهكذا قدم منير دليل أدانته بالتجسس واستحق الاعدام شنقا جزاء خيانته لمصر وتخابره مع الموساد في أحرج فترة في حياة مصر والقي القبض عليه في مطار القاهرة الدولي وهو يستعد للصعود للطائرة المتجهه الي روما حيث قام رجال المخابرات وفي حضور نيابه أمن الدولة بالقبض علية علي سلم الطائرة ظهر يوم 28 نوفمبر 1968 وكان المظروف المعتم أول شئ تم التحفظ عليه وقد صدر الحكم باعدامه 1969 تمت بحمد الله الى اللقاء وعملية جديدة من عمليات المخابرات العامة المصرية.