نحن لا نرى الأشياء كما هي..
يتخيل غالبية الناس أن الأغنياء يعيشون حالة من النقاء، وراحة البال، فليس مسموحاً في نظر العامة أن يكون لديك احتياجات بشرية أو مشاكل، ومع أنك مجرد إنسان، لا يعاملك غالبية الناس على هذا الأساس.
وليس كل ما تراه عينك حقيقة أحيانا، فأنت لا تعلم ما بداخل البشر، فمثلا ما نراه من مظاهر الثراء التي تثير الدهشة، كحياة الأثرياء والمشاهير الذين ينعمون ببيوت فارهة، تحفها المروج الخضراء الأنيقة، وتضم أحواضا كبيرة للسباحة، ويمتلكون جزراً بأكملها في بعض الأحيان، وسيارات سباق باهظة الثمن، وطائرات خاصة، وكذلك مبالغ طائلة من المال الذي يمكنك من أن تفعل ما تشاء وقتما تشاء، كل هذه الاشياء لا تجلب السعادة للانسان، حيث أن المال قد يحدث تغييراً في حياة الإنسان، وقد يكون ذلك إلى الأفضل أحيانا، أو إلى الأسوأ أحيانا، وإن الراحة والقناعة أهم من الثراء، والاهم من الثراء أن تكون مرتاح سعيد.
ورغم ما سبق ذكره الا أن اكثر ما نلحظه هو ان فقراء اليوم يتنافسون من أجل المال، وحتى في العبادة يتنافسون من أجل المصلحة، فيعبدون الله كي يرزقهم في الدنيا من مال وأولاد وزوجات وإذا لم يكن لهم ذلك في الدنيا، فإنهم يأملون أن يكون لهم ذلك في الآخرة من قصور وحور العين، حتى إن بعضهم إذا لم يجد مالا كي يشتري خمرا فيقول أنا لن أشربها في الدنيا كي أشربها في الآخرة، وإذا لم يجد سبيلا إلى الزنى قال سأصون نفسي كي أفوز بحور العين.
ويعتقد كثير من الفقراء بأن فقرهم هذا من قدرهم المحتوم الذي يلزمهم مدى حياتهم ولا ينفك عنهم إلا بانفكاك روحهم عن جسدهم، فكونك فقير ولدت فقيرا هذا قدر نعم مهما فعلت أو بذلت من جهد.
لكن ليس الفقر قدرا انما يمكن القضاء عليه اذا ما حاول الانسان وكانت الظروف مهيأة، الفقر ليس قدرا والفقير يمكن ان يكون متوسط الدخل او حتى غنيا ، وهناك قصص كثيرة عن رجال ونساء كانوا فقراء واجتهدوا فاستطاعوا ان يجعلوا الفقر غنى وان يحولوا التعب الى راحة
فالله رحيم بالعباد لم يجعل الفقر دائميا وقدرا لا يمكن تغييره او التخفيف من شدته على الاقل، فان تحققت المساواة في تكافؤ الفرص فلا يعد الفقر ثابتا بل يمكن ان يغيره الانسان ويعيش كما يرجو ويتمنى، ويستطيع ان يلبي حاجاته الاساسية وحاجات اسرته من الطعام اللذيذ والصحي واللباس الانيق والجميل، والسكن الوافي من حر الصيف وبرد الشتاء والحياة حرا كريما والحرية توصل الانسان الى الشعور بالسعادة، وان استطاع الانسان ان ينتصر على الفقر لم يعد يشعر انه اقل شأنا من الأخرين.
أما الغنى لم يكن في يوم من الأيام هو السبيل الأوحد للسعادة البشرية بل هو من ضمن كثير من الأسباب، كما أن الفقر لم يكن يوما هو السبيل الأوحد للتعاسة، بل هو من ضمن كثير من الأسباب، فلم إذن هذا الإيهام الحاصل بأن الغنى هو الطريق الوحيد للسعادة؟ والتاريخ والحاضر معا يشهدان على أن كثيرا من الأغنياء عاشوا تعساء رغم غناهم، بل منهم من يضع لحياته الحد بالانتحار بعدما وصل به الترف إلى أنه لم يجد شيئا يشعره بلذة الحياة، بينما نجد كثيرا من الفقراء عاشوا سعداء رغم فقرهم.
فاطمة_عبد_العزيز


































































