واثقا بنفسه
كتب/فاطمة عبد العزيز محمد
يجب ان يؤمن الانسان بقدراته ومواهبه وإمكانياته، بأن يؤمن بأنه ذكي حتى يتصرف بذكاء، وأنه قوي حتى يتصرف بشجاعة، وأنه ناجح وقادر على النجاح والتفوق حتى يكون ناجحا ـ أي يعيش في حالة نفسية وشعورية قوية وإيجابية تدعمه وتقويه وتعطيه همة وتفاؤلا وشجاعة ونبذ الخوف من المحاولة والفشل بسبب ضعف الثقة بالقدرات.
والثقة بالنفس والرضا عن الذات مشاعر لا تتعارض مع الدين، فالإسلام لا يدعو المسلم أن يكون ضعيف النفس، متردداً، إلى الحد المثبط والمقعد عن العمل، كما تنهاه عن الغرور الذي هو استحقار للغير، بل وتأمره الشريعة بالقوة والثبات والتفاؤل والثقة بالنفس، مع الاستعانة بالله عز وجل والتوكل عليه، فعن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ) رواه مسلم.
وفي حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا! وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلاَ تَظْلِمُوا) رواه الترمذي.
كما أن ثقة المسلم بنفسه لا تعني عدم حاجته لربه تعالى ليوفقه ويسدده، ولا تعني – كذلك – عدم حاجته لإخوانه ولعامة الناس، لينصحوه ويرشدوه، وهذا الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه تعالى به، وهو ” أن لا يكِلَه لنفسه ، ولو طرفة عيْن “.
وهذا الحديث يؤكد عظيم حاجة العبد لربه تعالى، فالعبد جاهل، وربه تعالى العليم ، والعبد فقير ، وربه تعالى الغني ، والعبد ضعيف، وربه تعالى القوي، والعبد عاجز، وربه تعالى القادر .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) فاطر/ 15.
وختاماً يجب أن يحرص المسلم على أن لا تطغى هذه الثقة بالنفس فتغدو تكبراً أو طيشاً، ولا تطغى مشاعر الرضا عن الذات إلى حد الرجاء المفرط ونسيان الخوف من الله تعالى، بل يجب أن يعيش المؤمن بين جناحي الخوف والرجاء بالتوازن الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في سيرته العملية.