نقلها لكم ناصف ناصف
للشاعر الدكتور عبد الوهاب برانية
بقلم
أ.د.أسماء شعبان
أستاذة البلاغة والنقد بكلية الدراسات للبنات بالإسكندرية
في زمن ضل فيه القلب والإنسان والقيم، وقلما تجد القلب والإنسان والقيم!، ينبهنا شاعرنا المبدع ويذكرنا بأهمية هذه المعاني الجليلة، التي بدونها لا تكون الحياة حياة، ولا يكون للإنسان بعد الحياة ذكر أو أثر في دنيا الناس.
فشاعرنا يحرك القلب بشعره في كل المناسبات، تهنئة أو رثاء أو وفاء للأصدقاء أو حبا للأوطان أو عرضا لأحداث ألمت بالشاعر في الماضي فتركت في نفسه أو قلبه أثرا، فبنت الإنسان فراح يبث القيم والمبادئ والأخلاق.
فقد شارك بقلبه فرحة القلوب التي حوله من تهنئة بنجاحات، للطالبات أو الهيئة المعاونة، أو زملائه من أعضاء وعضوات هيئة التدريس، فهو القائل:
اعتاد شعري أن يقدم وكده
للناجحات على مدار العامِ
ما من مناقشة تكون بقسمنا
إلا تمر بشاعر نظَّامِ
ويتجلى شاعرنا بالوفاء فلم ينس أساتذته في الماضي البعيد، فهو القائل:
ما زلت أذكر معهدي بلقانة أيام كنت بعمري الغض النضيرْ
وتجد أيضا القلب الوفي لأصدقائه وأصحابه ورفاق العمر، فهو القائل:
وحدي أسافر يا سلاَّم قاهرة ففي اغترابٍ أنا من دون سلامِ
وكما ترون هذا الإنسان صاحب المبادئ والقيم فلا تقتصر تهنئته على قسمه فقط،وإنما تجاوزت الأقسام الأخرى بحب وإخلاص قهو القائل:
جاءوك في علم غزير وافرٍ
ملأ العقول ففاض منها النورُ
هم كنز أسرار البلاغة كلها
هم عقلها المنظور والمستورُ
ولم ينس شاعرنا المبدع الإنسان توجيه التهنئة إلى الطالبات في المسابقات وغيرها، فهو القائل:
غدون مع المشايخ فجر يومٍ يرمن المجد في ثقة بناتي
والشاعر المحب للحرية يكره القيد كدأب الشعراء الأحرار، ففي قصيدته (الفجر قادم يا عصفور طب نفسا) التي كتبها معبرا عن ضيقه بتكليفه بالعمل الإداري كوكيل للكلية، إذ أحس نفسه أسيرا حبيسا كطير في قفص، ثم يصور انطلاقه وحصوله على حريته عندما تخلص من هذا التكليف وذلك في قصيدة بعنوان (انطلاق من عقال) وذلك عندما ترك العمل الإداري، وفيها يقول:
اليوم خف الثقل عن أكتافهِ وغدا أسير الأمس مطلوق العنانْ
والحق أني رأيت نفسي في هاتين القصيدتين، وكأنما راح يصور إحساسي وشعوري، لأنني كلفت بالوكالة أيضا، وكان هذا شعوري حتى تركتها، وفرق شاسع وبون كبير بين حالي عند شغل العمل الإداري وحالي بعد تركه.
وكما اهتم شاعرنا المبدع بالتهنئة اهتم بالمواساة ومشاركة الآخرين في أحزانهم، فشاعرنا المبدع ينعى شيخه في كلية اللغة العربية بإيتاي البارود الدكتور عبد الكريم فراج، وعميد دراسات دمنهور الدكتور حامد الفقي، والدكتور محمد مشالي الملقب بطبيب الغلابة عليهم جميعا الرحمة والمغفرة من رب العباد، ثم نجد قلب الشاعر الإنسان يحترق من أجل ليبيا الوطن العربي الشقيق، عندما هبت الريح الخبيثة عليه والتي عرفت بثورات الربيع العربي داعيا لها أن تعود كسابق عهدها، فهو القائل:
لي فيك يا ليبيا مشاعر لم تزل رغم البعاد مشاعرا تتدفق
وهكذا يمضي شاعرنا الإنسان في تصوير مشاعره ومشاعر الآخرين في أي مناسبة كانت حوله.
ثم تجد الإنسان والقلب يبث القيم والمبادئ التي يجب أن يتحلى بها كل إنسان ليشارك الآخرين في محنتهم، فيتوجهون بقلوبهم في محنة كورونا إلى الله أن يرفع البلاء عن العباد والبلاد فهو القائل:
لا يملك الأصحاب إلا قلبهم يتوجهون به إلى رب السماءْ
أن يصرف الأسقام عن بلداننا ويزيح عنا ربنا هذا الوباءْ
وهكذا يمضي الشاعر في ديوانه حتى يصور لنا القلب والإنسان والقيم في أرقى صورها في قصيدتيه: (سيدة القطار) و(التذكرة مدفوعة مقدما) فقد حركتا مشاعرنا وهزتا قلوبنا وأبانتا عن قيمنا المتوارثة والمتجذرة في طبائعنا.
فكل التوفيق للشاعر المبدع الإنسان صاحب القيم الدكتور عبد الوهاب برانية
الأستاذة الدكتورة/أسماء شعبان